في سبيل الحفاظ على خلاص المسيح

في نهائية الخلاص فور تلقيه، يصّر البعض على مقولة:
” أن الخلاص بمجرد نواله يُحفظ دائما”: فإنه عندما يقبل شخص ما في حياته المسيح ، يصبح الخلاص هدية غير قابلة للفقدان. والتفسير يفترض أنه بما أن الخلاص هو هدية مجانية مُنحت بحرية ، فليس هناك من أمر يرتكبه المرء يمكّنه من خسارتها.
غير أن هذا الإعتقاد غير دقيق البتة ، فنحن نعلم أن الهدايا يمكن التخلي عنها، رفضها، أو حتى تدميرها إذا شاء المتلقي.
إذا اشترى أب سيارة فخمة و قام بتقديمها لابنه كهدية، قد يقبل الإبن سيارته بابتهاج . ومع ذلك، فإنه قد يقرر بيعها ، أو بقلة إنتباهه قد يحطمها، أو بقلة تدبيره يهملها بحيث لا تعود قابلة للإستخدام. كانت هدية غير قابلة للإسترجاع ‘ ولكن بالإهمال فُقدت.
يمكن أن نرى الخلاص بطريقة مماثلة – هدية مجانية واهبها لا ينوي إسترجاعها- ولكن متلقيها قد يهدرها.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الآب أعطى بحرية ابنه يسوع المسيح: تألم ، ومات ، وهو يرتفع كل يوم على المذابح لخلاصنا … وبواسطة روحه القدوس ، يصب هذا الحب علينا فنصبح به أبناء الله و أوان خزفية تحتوي على كنز لا يقدر بثمن !! و هذا الخلاص هو هدية مجانية .
يكتب القديس بولس الى أهل أفسس: “انَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَان… وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ.هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. ولَيْسَ مِنْ أَعْمَالٍ كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ”.
إذاً هدية الخلاص من الله ليست ” ما استحققناه” بل هو “ما تلقيناه”. 

ومع ذلك…
فإن الخلاص له هدف في هذه الحياة. يكمل القديس بولس في رسالته الى أفسس ” نحن مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ” . لم يكن رسول الأمم يجد أي “توتر” بين منطق الإيمان و الأعمال الصالحة في الخلاص المسيحي . بل أن الأعمال الصالحة تنمو كثمرة لنعمة الإيمان. فالخلاص يثبت من خلال “الإيمان العامل بالمحبة ” و ليس من خلال ” الإيمان وحده “. 
كان بولس في كتاباته يشدد على الإيمان ولكن في سياقات مختلفة: المعمودية، والكنيسة، الأعمال الجيدة، والتقاليد، الليتورجيا، والتقديس، وما إلى ذلك.
فالأمر يشبه إثنين ينظران الى قطعة موسيقية. وبعد دراستها يخلص الأول أن النوتة “دو” تبدو سائدة ثم يمشي الى البيانو وأمام جمهوره يضرب النوتة “دو”. أما الآخر فيستنتج أن “هذه قطعة من الموسيقى مفتاحها النوتة “دو” ثم يمشي إلى البيانو ويلعب قطعة جميلة من الموسيقى مفتاحها ال”دو”. واضح أن هذا الأخير قرأ الموضوع الرئيسي و أدرج جميع الملاحظات الأخرى بحيث أنتج على ضوئه ما هو أكثر جمالية و فائدة .

هو خلاصنا:
تحقق بمصالحتنا مع الآب من خلال النعمة الإلهية الغنية التي فاضت بصليب ربنا يسوع، فغيّرت مقامنا من حالة العداوة إلى حالة البنوة، ورفعتنا من الموت الروحي إلى قيامة الحياة. و لكن على المؤمن الحق أن يثابر على العبادة بالروح والحق والسلوك بالحب و الأعمال الصالحة لئلا يسقط في الظلمة وقساوة القلب ومعها يفقد النعمة الإلهية: و”من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط (1 كورنتس 10:12) 
إن مفهوم الخلاص تدريجي ومتعدد الأبعاد: هو مسيرة إيمانية ، يوصينا بولس الرسول أن “نتممها بخوفٍ ورعدةٍ”، فهي حركة دائمة حية، وسلوك لا يتوقف حتى نبلغ قياس ملء قامة المسيح.
الخلاص هو عمل مشترك مع الله الذي يزرع فينا الرغبة ويهبنا المعونة للانتصار, ويسلحنا بالفضيلة… 
على عود الصليب قدم لنا الرب أفضل نصيب: دعانا لنضع موتنا في قبره لنجده فارغاً في اليوم الثالث. بمعموديتنا موت و دفن فقيامة وفي الأسرار سر حياة تنمو لا بالإيمان النظري بل بزيت الأعمال الصالحة المكللة بالمحبة.
خلاصنا مقطوعة موسيقية مفتاحها الإيمان وغناها الأعمال الصالحة … ولكن يبقى السؤال:
هل نود العزف ؟؟؟

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أنطوانيت نمّور

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير