هذا البعد الحيوي العلائقي الحقيقي، يقود الى اﻹعتراف الجوهري والعلني، بالحقوق والواجبات لﻷشخاص، التي وجب ان يقبلها الجميع بإخلاص وصدق، بمعزل عن أي إستثناءات أو تحليلات. فلكي تنجح عملية البناء اﻹجتماعي بين المكونات التي تؤلف المجتمع، وجب أن تكون الفضائل اﻷساسية: كالعدل والمحبة والحرية المسؤولة أساس هذا البناء ودعامته. العدل، يحفظ الحقوق ويفضي الى تحقيق الواجبات المطلوبة من كل شخص وجماعة ومؤسسة. فعندما تحفظ حقوق الشخص يسهم العدل في تنشيط واجبات كل شخص تجاه الخير العام والعكس صحيح؛ لا يكفي أن تحفظ حقوق وواجبات الشخص، بل يجب على المحبة، أن تضع عاطفة التحسس والمشاركة في صلب الحقوق والواجبات تجاه حاجات اﻻخر المختلف وإلا تغدو تلك الحقوق والواجبات أنانية مفرطة(راجع، السلام في اﻷرض، فقرة 18).وهذه العاطفة تقود الى التضامن، فتخلق بين الافراد حس التبادل بين القيم الروحية المشتركة…؛ أما الحرية، فهي مسؤولة في تحقيق نمو المجتمع والشخص “بالطريقة التي تليق بكائنات عاقلة خلقت لتتحمل مسؤوليات أعمالها”(السلام في اﻷرض، فقرة18).
من هذا المنطلق نستنتج ان بناء المجتمع ورشة لا تنتهي، فعلى الجميع ان يبلغوا وينضجوا في الحقوق والواجبات والمحبة والعدل والحرية المسؤولة. ليس مقبولا بعد اليوم، أن تبقى مجتمعاتنا العربية خاضعة لسياسة الحضانة والتدجين والهيمنة، أو ذهنية عدم النضوج، واﻹتهام… فبلدان اليوم تشهد أزمات إجتماعية خطيرة، ولاسيما الذي يشهدها لبنان، من إعتصامات وإضرابات عمالية ونقابية مطالبة بحقوق مهدورة، تجابه برفض اصحاب العمل والمؤسسات، وتهديد مبطن من قبل الدولة بفرض ضرائب تعسفية. مما لا شك فيه، سيؤثر هذا الوضع المأزوم على الحياة اﻹجتماعية واﻷسرية. فبقدر ما تنتهك الحقوق تتكاثر اﻹعتراضات ويظلم الناس ويعبث بالخير العام، فيقل العدل وتكثر روح الفوضى والسرقة والفساد. وبقدر ما تحفظ حقوق الجميع وتصان كرامة الشخص، بالقدر عينه تزدهر الحياة اﻹجتماعية وتبنى اﻷوطان وتزداد المشاركة. إذا لا يمكن بناء مجتمع والعدل مهمش والمحبة منتقصة والحرية مهدورة.