مسيحي ومسلم

على وقع صلاة الأبانا

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أبانا الذي في السموات:علَّني جاهلٌ حقائِقَ الأمورِ من حولي، وغافِلٌ عن خباياها، وقد أكونُ ايضاً مُستسهِلاً عدم المعرفة والإدراك، إنما ما تراهُ عينيَّ، وتسمعهُ أذنيَّ، هو مزيجٌ من الكوارِثِ والصدمات تضعُنا جميعاً في جانبٍ واحدٍ من الصورة، وفي نفس الموقفِ، والرأي.جانب “المظلومين”، المنسحقين، المنبوذين.متخذين موقف الرفضِ والإستنكار،وآرائُنا متفقة على إزدراءِ كُلَّ ما، ومن، يمثل الجهة التي تُسقِط على شعبِنا هذا الظُلم، والتهجير، والهمجية، دون المحاولة لمعرفة ” هوية تلك الجهة الحقيقية”، مكتفين تماماً بما تراهُ أعيننا، وتسمعهُ اذانُنا، واما عقولُنا فهي في سُبات!!!!نحنُ نفتقر الى (الحكمة) يا ابانا،نفتقر الى نقاء البصيرة،نفتقر الى الإصغاء الحقيقي، والإحساس الحقيقي، والتمييز بين الأمور….نحنُ نفتقر رصانة الذهنِ، وسلامُ القلبِ، وراحة النفسِ والروح، لذا تُرانا ضائِعينَ في تصوراتُنا وأفكارنا، وحتى انفعالاتنا…ضائِعين وتائهينَ في الدروب الشائكة، المُظلمة، التي أنجرفنا اليها، ووقعنا في مكائِدِها، و شرائِكها،وها نحنُ اليوم نُقاتِلُ بعضنا،نعتدي على بعضنا،نلومُ ونعاتبُ بعضنا،ننتهكُ كرامة بعضنا،نحكُمُ، ونتَّهِمُ بعضنا،نطعنُ في الصميمِ معتقداتِ بعضنا، ونُهينُها!!!نُلَّطِخُ بأبشع الصِفات مباديء بعضنا، ونسخرُ منها!!!نُشَوِّهُ بأبخسِ الكلمات إيمانِ بعضِنا، ونُطلِقُ التهديدَ والوعيد!!!نحفُرُ بضراوةٍ تحت اقدامِ بعضِنا، كما لو كنّا نحفرُ قبوراً لندفنهم فيها!!!!فلماذا؟وكيف تكون هَذِهِ حالُنا؟
أبتِ:علَّني لستُ أفهمُ في السياسةِ شيء،وليس لي في أمورِ المصالِح الدولية، والمخططات العالمية وأطماعها ايَّ فكرة واضحة،انما لي في تاريخِ شعبي بعض المعرفة، وكثيرٌ من الذكريات…أعرِفُ ان شعبي، هو شعبٌ عاش لآلاف السنين على ارضٍ واحدة يعتنقُ الأسلامَ والمسيحية!!!مساجِدهُ تُجاوِرُ الكنائس، وتُقابِلُها…اعيادُ الميلادِ والفصح تتزامنُ مع الأضحى والفطر، والشعبُ معاً يحتفلُ مُهنِّئاً…في يومياتِ حياتنا تعودنا ان نرى الطبيب المسيحي، والمحامي المسلم،المعلم المسيحي، والشرطي المسلم،المُزارع المسيحي، والمهندس المسلم،المُحاسب المسيحي، والعامل المسلم،البقال، اللحام، الخباز وسائق التكسي والحمال، والكثير الكثير الكثير بين مسيحيٍ ومسلم…وفي مدارسنا، جامعاتنا، وظائفنا في دوائر الدولة ومعاملنا وفي كل مكان، تعودنا أننا معاً( مسيحي ومسلم)!!!وحتى في مساكِننا، يجاورُنا بعضُ المسيحيين والبعض الآخر ( مُسلم)…نُلقي تحية الصبح بوجهٍ باسم دونما الحاجة لنفكر، هل انا مسيحي وهو مُسلم؟؟؟ نُسانِدُ بعضنا، ونهتمُ ببعضِنا، ونهرعُ من أجلِ بعضِنا، وحتى حمايةِ بعضنا، دونما التفكير بأنني ( مسيحي وهو مسلم)!!!!أرضُنا فيها من التاريخِ والتراثِ والآثار، ما يجمع بين حضارتي انا المسيحي والمُسلم، وكلاهُما معاً ( حضارةُ بلدِنا)، ووطنِنا، حضارةُ العراق، عراقُنا معاً، عراقُ المسيحي قبل المُسلم، ومع المسلم!!!!!وما يحدثُ اليوم في هذا العِراق من موتٍ، وخرابٍ، وارهاب، هو مُصيبةٌ، بل هي فادِحة حلَّت على المسيحي كما المُسلم، فهلك الإثنين معاً، فيالهولَ المصيبة!!!!!أبت:أُنظر الى أبنائك اليائسينَ في بؤسهم، بؤسَ المسيحي مع المسلم…تَفَقَّد شعبك في مصيبتهُ، مصيبة المسيحي والمسلم،إرفع عن شعبك الظُلم الذي يسحقه، يسحقُ المسيحي وكذلك المُسلم!!!فما يحدُثُ اليوم هو فناءٌ لحضارةِ وطن،لتاريخِ أُمّة،لثقافة شعب،انه عودة نحو الجاهلية، والوحشية، والهمجية، بأبشع الصور، والغاية منه إضعاف هذا الشعب بتفكيكهِ، وكسر روابط المحبة التي فيه، وبذر الفتنة، والحقد، والضغينة بين ابنائه ليتنافرو، وينقضّوا على بعض….
هل هو ظلمٌ وقعَ علينا نحنُ المسيحيون بما جرى ويجري لشعبنا في العراق؟؟؟؟ نعم هو ظلمٌ كبير، ومأساة لا يُمْكِنُ استيعابها،انما هو ظلمٌ كبيرٌ ايضاً لإخوتنا المسلمون الذين وجدوا انفسهم بين ليلةٍ وضُحاها وقد توجهت أصابع الاتهام عليهم من كُلِّ إخوتهم المسيحيين بِكُلِّ حسرة، وغضب، ومرار، واصبحت صورتهم قاتمة امام اعيُننا !!!!
ابت:أنَّي اليوم ارجوك، بل أتوسلُك  ان تشفي قلوبنا وعقولنا العمياء، لنُبصر، ونفهم، ونُعيد السلام الى نفوسناارجوك يا ابت ان تُعيدَ لنا القدرة على التمييز بين ( الهمجية، ًاللاأخلاقية، واللا ايمان) الذي تمثلهُ بعض الروُس البشرية التي تحيا حياةً مفترسة، وملحدة، ومتخلفة ذاكرينَ اسمك كدعاية فقط وهم غيرُ مُدركين قداستِك ، ذاكرين اسم المسلمين للإطاحة بهم وتشويه صورتهم،ذاكرين اسم الشريعة لتحطيمِها وتنجيسها،مُحطمينَ شعبنا المسيحي بشراسة باسم الإسلام، ليجعلونا ( نؤمن) اننا مظلومون، والمسلم هو الظالم، وهكذا ( يموتُ العراق)!!!!!ابتِ:لستُ اعرف ماذا لدي لأقولَ واسأل، انما لي في القلبِ شوقٌ ان تُشرِقَ شمسُك على شعبي، ووطني، بحضارتهِ، وتاريخهُ، وتراثهِ وإرثهِ، وبأبنائه ( مسيحيون ومسلمونَ معا)، مع كل طوائِفهِ الأخرى التي لم تكن يوما (طوائف)، بل شعبا واحدا، وهكذا نتمناهُ ان يبقى…سلامُكَ يا ربرحمتُك ياربترأّف بنا، واغفر لنا جميعاً، ولا تدخلنا في التجارب، لكن نجنا من ( الشرير)

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Wasan Setto

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير