مقدِّمة

في الاسم عامَّة

إنَّ للإسم، في الحضارات الشرقيَّة السامِيَّة، مركزًا مهمًّا في حياة الجماعات والأفراد. نحن اليوم، أحفاد هذه الحضارات، ننظر إلى هذا التقليد لنستعيد شيئًا من مفهومه وأهمِّيَّته عند الأجداد.

ورغم فقدان الكثير من عناصر هذا التقليد في أيَّامنا، أظنُّ أنَّنا الأقدر على فهمه بأبعاده العميقة أكثر من غيرنا، كونه ما يزال حيًّا ولو جزئِيًّا في مجتمعاتنا: فالفتاة التي تُدعى "كفى" هي لأنَّها أتت بعد عدد من البنات رغم رغبة الوالدين بإنجاب بنين ذكور. والولد الذي يُدعى "ربيع" هو الذي وُلِد في فصل الربيع.

الاسم في الكتاب المقدَّس

1-    العهد القديم

إذا طالعنا الكتاب المقدَّس، فهو مليء بالأسماء العَلَم ويربط معانيها بأمور شتَّى: منها ظروف الولادة ومنها صفات المولود الجسديَّة ومنها صفاته المعنويَّة وغيرها.

ليس الاسم في الكتاب المقدَّس شيئًا طارئًا على الأنسان، بل هو ما يدلُّ عليه ويساويه. لذا فالمرء الذي يصنع اسمًا له، يصنع لنفسه أهمِّيَّةً ةاعتبارًا بين أقرانه ويصير "ذائع الصيت".

يملِك المرء الأشياء باسمه فهي إذًا خاصَّته (ونحن ما نزال نستعمل التعبير نفسه لليوم: تسجيل سيارة باسم الشخص).

وكانت العادة بتغيير الاسم للدلالة على كينونة جديدة أو شخصيَّة جديدة يعيشها المرء في علاقته مع الآخرين خاصة مع الله.

2-    العهد الجديد

تنطبق هذه الأمور على التقليد إن في العهد القديم أم في العهد الجديد. ف"يشوع" أي المخلِّص هو الاسم الذي أطلقه الملاك على الابن المتجسِّد في بشارته لمريم أو ليوسف.

ويسوع نفسه غيَّر اسم سمعان فصار كيفا أي بطرس.

أسماء الله

1-    في العهد القديم

لكن الاسم لم يبقَ للإنسان وحده بل تعدَّاه ليُطلق على الله أيضًا. من هنا كان طرح السؤال من الإنسان للإله: ما هو اسمُكَ؟  وكان الجواب دومًا بالصمت إلى أن أعطى الإله اسمه لموسى في رؤيا العلَّيقة المحترقة وهو الاسم الرباعي الأحرف: ي ه و ه. هو الاسم اللغز والذي لم يعد يلفظه اليهود إجلالاً.

لقد أُعطِيَ الإله أسماء متعدِّدة لكنَّها بالحقيقة ما هي إلاَّ وصف له: إيل-شدَّاي، إيل-عِليون وغيرها ما يناهز المئة، لكنَّ ما احتفظ به التقليد على أنَّه هو الاسم "ي ه و ه" وصار يكتفي بذكره ب"الاسم" (هَشّيم haššem) في أحيان كثيرة.

2-    في العهد الجديد (في موضوعنا سنراه كما في الأناجيل بحسب لوقا ويوحنا وفي أعمال الرسل)

وانطلاقًا من العهد القديم راح العهد الجديد في الاتجاه نفسه بإعطاء الله أسماء وهنا دخلت على الإيمان حقائق جديدة فرضت إضفاء أسماء على المسيح نفسه بصفته الإلهية.

صار لله اسمٌ جديد في المسيحيَّة: هو الآب، هو المحبة. وصار يسوع هو الرب، كيريوس، إضافة للقبه "المسيح".

لكن ما هو الأهم هو أن كلَّ شيء يصير باسم الآب والابن والروح القدس.

والإيمان باسم يسوع هو الإيمان بمن أرسله.

ستجثو لاسم يسوع كل ركبة ممَّا في السموات وما على وما تحت الأرض.

باسم يسوع قام الرسل بالآيات وبشَّروا بهذا الاسم في أنحاء المعمورة.

واللائحة طويلة من المواقف باسم يسوع وباسم الثالوث.

ختام

باختصار، إنَّ الاسم مرتبط عضويًّا بمن يحمله ويدل عليه ويمثِّله. لكن يبقى أن نعرف أن الشخص حامل الاسم يتجاوز اسمه ولا ينحصر باسمه.

وما معرفة اسم الآخر إلاَّ لبنيان علاقة بين الطرفين تذهب في اتِّجاه ازدياد الترابط لكنَّها أيضًا قد تذهب في اتِّجاه سيطرة أحدهما على الآخر كما كان يفعل يسوع مع الأرواح النجسة عندما كان يسألها عن أسمائها.