ليس بجديد ، لك أخي المؤمن ولقراء الانجيل المقدّس سماع مثل ” الوكيل الخائن ” ، الذي بذّر أموال سيده ، إمّا بالإهمال أو سهواً أو تهوناً . في إنجيل اليوم لا نجد تلميحاً لسرقة في معاملة الوكيل ، بل قصة تاريخ المعاملة بين الله والإنسان . والرب سيد الكون ، الغني بالمراحم والعطايا ، يمنح لكل إنسان وزنات وهبات مختلفة ومتنوعة : ثروات مادية وروحية وفكرية وإجتماعية . وكل ما نجد فينا ومعنا يخصّه . وقد وضعه تحت تصرفنا ليرى فينا القريب والبعيد ، ومن خلال شفافيتنا ، محبته اللامحدودة . ويوم القيامة سيُطلب منا ميزانية أعمالنا على الأرض وكيفية تصرفنا بوكالتنا على تلك الوزنات والمواهب التي منحنا إياها . ونتيجة تلك الميزانية سنكافأ أو سنعاقب .فوجئ الوكيل وارتقب طرده من عمله وسحبت الوكالة من يده بسبب تصرفاته وإهماله .ففكّر في نفسه ما العمل ؟ وهو المسوؤول عن ذلك . أيعمل كأجير ؟ فقرّر تأمين مستقبله مستفيداً من ثروات سيّده . فوزّع الهدايا لمديني سيّده واشتراهم بحسومات وإعفاءات ، خففت عنهم أعباء كثيرة ، ليكونوا له أوفياء وأصدقاء .علم السيد بخيانة وكيله ولم يلمه بل أثنى على فطنته وحكمته لتأمين من يقبلونه في عيونهم عرفاناً بالجميل .لم يكن الوكيل الخائن هدفاً في مثل اليوم الإنجيلي ، بل ليعطيه يسوع لنا قدوة نحتذي بها . و يشدّد المعلم الإلهي على فطنة الوكيل الخائن تمهيداً لمستقبله ، ويتمنى على تلاميذه وعلى كل مؤمن أن يكونوا أكثر فطنة في أمور الأبدية وأن يكون لديهم ، للممارسة المسيحية حسب تعاليم الإنجيل ، الشجاعة والجرأة لإكتساب القيم السامية بالوزنات الأرضية المعطاة لهم وسيلةً وليس هدفاً .بإستطاعة الإنسان جعل الزائل طريقاً للأبدية، ليكون لنا الصديق الوسيط والشفيع لدى الآب الحاكم و الديان العادل . بإستطاعة المؤمن جعل المال إمّا صنماً مستعبداً ، وإمّا أداة لتمجيده تعالى ليوفّر للإنسانية جمعاء حياة لائقة بأبناء الله ، مكللة بالسعادة الأبدية .المال ضروري ومفيد إذا أُستعمل لتأمين لقمة العيش للمعوز ، والعلم للأُمي والعمل للمهجّر والدواء للمريض والإبتسامة للبائس والحزين والمتعب .والإنسان يجد نفسه أمام اختيار حر ، الرب أو المال ، خصمان متصارعان ، لا مجال لمصالحتهما : الله وسعادتي وسعادة الإنسانية جمعاء ، وإمّا المال والأنانية وتعاستي وتعاسة الناس .
–