البطريرك يونان في زيارة راعوية ورسمية لكنيسة العراق

لن نفقد الرجاء بالرغم من هول النكبة والآلام، فنحن أبناء الأرض الأصيلون

Share this Entry

قام غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي بزيارة راعوية ورسمية لتفقُّد أبنائه وبناته في العراق، وتشديد عزيمتهم في هذه الأزمنة العصيبة، وذلك في الفترة الممتدّة من ظهر الجمعة 6 شباط حتّى مساء السبت 14 شباط الجاري 2015، وقد رافقَه في هذه الزيارة المطران باسيليوس جرجس القس موسى المعاون البطريركي والزائر الرسولي على أوروبا، والأب حبيب مراد أمين سرّ البطريركية.

توجّه غبطته أوّلاً إلى بغداد، حيث استقبلَه في المطار المطرانان أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، ويوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وكركوك وكردستان، وعدد من الكهنة والأستاذ جورج باكوس مستشار رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي.

في بغداد، ومن 6 حتى 9 شباط، زار فخامة رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ووزير الهجرة والمهجَّرين محمّد جاسم، والسفير الأميركي ستيوارت جونز، وكان بمعيّته الأستاذ يونادم كنّا عضو البرلمان العراقي، والسيّد رعد جليل كجه جي رئيس ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى.

كما تفقّد دار بيت عنيا للمرضى والمسنّين، واحتفل بيوم المريض العالمي في كاتدرائية سيّدة النجاة بالكرّادة، وزار النازحين في مركز الحركة الديمقراطية الآشورية، ومدرسة المكاسب، ورعيتَي مار يوسف بالمنصور، ومار بهنام بالغدير.

ثمّ انتقل غبطته إلى أربيل حيث زار أبناءه النازحين والمهجَّرين من الموصل وسهل نينوى إلى إقليم كردستان، من 9 حتى 14 شباط. فنفقّد النازحين في زاخو ودهوك وبيرسيفي وليفو والسليمانية وكويسنجق وأرموته وكركوك وعنكاوا وفي نشتيمان وجيهان بأربيل وسواها.

وأعلن تسميةً جديدةً لأبرشية الموصل وتوابعها، هي “أبرشية الموصل وكركوك وكردستان”، وعقد اجتماعاً عاماً لكهنة الأبرشية، ولقاءً موسّعاً لممثّلي العشائر والأحزاب من أبناء شعبنا، تداول في كلٍّ منهما أوضاع شعبنا في الظروف العصيبة الراهنة والآفاق المستقبلية، ودعا “أبناءنا الكهنة والعلمانيين إلى توحيد الجهود لما فيه تأمين فرص الحياة الكريمة الآمنة لأبنائنا بعد تحرير أراضينا بإذنه تعالى”.

وزار غبطته وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان كريم سنجاري، ومحافظ دهوك فرهاد الأتروشي، وزاره في مقرّ إقامته في عنكاوا محافظ الموصل أثيل النجيفي، والتقى محافظ أربيل نوزات هادي. ورافَقه في كلّ زياراته في إقليم كردستان السيّد خالد ألبير مدير ديوان الوقف المسيحي في كردستان.

كما التقى البطريرك يونان لعدّة مرات بغبطة مار لويس روفائيل الأوّل ساكو بطريرك بابل على الكلدان، وسيادة السفير البابوي في العراق المطران جورجيو لينغوا، وعددٍ من أصحاب السيادة والنيافة مطارنة الكنائس الشقيقة الكلدانية والسريانية الأرثوذكسية والمشرق الآشورية في بغداد وفي إقليم كردستان. 

وفي كلّ لقاءاته ومواعظه وأحاديثه، شدّد غبطته أبناءه وشجّعهم على “الثبات والصبر وانتظار الفرج من الرب الذي لا يخيّب المتّكلين عليه”. وأثنى على جهود المخلصين والخيّرين من أساقفة وكهنة وعلمانيين ومحسنين في دعم صمود أبناء شعبنا رغم هول المحنة العصيبة التي ألمّت بهم، مؤكّداً “وقوفنا إلى جانب أبنائنا وبناتنا الراسخين والصامدين في العراق”، ومجدّداً “تضامننا معهم وسعينا إلى تأمين خدمتهم مع رعاتهم الروحيين من أساقفة وكهنة بكلّ ما أوتينا من طاقات وإمكانيات، رغم صعوبة الظروف”.

كما أكّد غبطته أنّ “ما أصاب أبناء شعبنا في الموصل وسهل نينوى ليس أحداثاً عادية، وإنّما نكبة عظيمة ومحنة عصيبة نصلّي أن ينهيها الرب بأسرع ما يكون”. وطالب “المسؤولين في بغداد وفي إقليم كردستان بالعمل الحثيث وبذل الجهود لتحرير أراضينا وتأمين عودة أبنائنا إليها بعيشٍ كريم وحماية وضمانات”. ووجّه “نصيحةً ودعوةً أبويةً لأبنائنا النازحين والمهجَّرين ألا يفقدوا الأمل، إذ إنّنا نتشبّه بمعلّمنا الإلهي الذي قاسى الآلام، وانتصر عليها”. وناشد “أبناء شعبنا ألا ييأسوا، بل أن يبقوا أبناء الرجاء”، وذكّرهم أنّ “آباءنا عانوا على مرّ العصور الإضطهاد والآلام وتناقص عددهم في بلدان الشرق، لكنّنا لن نفقد ثقتنا بالغلبة بربّنا يسوع بالرغم من كلّ ما حلّ بنا”.

وأعلن غبطته على الملأ أنّنا “لسنا أهل ذمّة ولا نستجدي وجودنا وحياتنا من الآخرين، بل نحن أبناء الأرض الأصليون”. وطالب “المسؤولين في حكومة إقليم كردستان أن يساعدونا، بعد تحرير أراضينا إن شاء الله، كي نقيم إدارةً ذاتيةً لشعبنا في مناطقنا وأراضينا”. واستذكر بفخرٍ وعزاءٍ “قداسةَ البابا فرنسيس الذي لا يألو جهداً للتحدّث عن أوضاعنا في الشرق والدعوة إلى حلّ هذه الأوضاع المتأزّمة على أساس العدالة والمساواة والدفاع عن الحقوق الإنسانية المدنية للجميع، حتى يشعر كلّ مواطنٍ بكرامته الإنسانية في وطنه”.

كما أشار غبطته إلى أنّنا “لسنا طلاب حكمٍ أو امتيازات، وإنما نطالب بحقوقنا الإنسانية الطبيعية كمواطنين أصيلين في الشرق الأوسط”. وناشد “جميع المسؤولين توجيه المعنيين بضرورة الإبتعاد عن التطرّف في الخطاب الديني وإعمال مبدأ الفصل بين الدين والدولة، فالدين لله والوطن للجميع”.

وذكر غبطته عمله الدؤوب كي يخفّف آلام النازحين، إذ طرق ولا يزال يطرق كلّ الأبواب، من محسنين محلّيين وكنائس ومؤسّسات عالمية، كما لم يفّوت فرصةً للمشاركة في مؤتمراتٍ عالميةٍ لإعلاء صوت شعبنا المسيحي في الشرق، مؤكّداً أنّ ع
لى الغرب أن يدافع عن حقوق مسيحيي الشرق إن أرادوا لهم أن يبقوا في الشرق، لا أن يُشتروا بالبترول ويغطّوا ببعض الكلمات المنمّقة أهداف مموّليهم. لذلك لا نفوّت غبطته فرصةً في الموتمرات للمناداة بهذا الموضوع، ولا يسكت عن ذلك أبداً. ونوّه أمام رؤساء الكنائس الشقيقة إلى أنّنا “نحن الكنائس المشرقية السريان الكاثوليك والسريان الأرثوذكس والكلدان والمشرق الآشوريون لم يعد لدينا ما نخسره، لذا علينا أن نطالب ونجاهر بحقوقنا على الملأ معلنين قضيتنا أمام العالم كلّه”.

                                         أمانة سرّ بطريركية السريان الكاثوليك الأنطاكية

Share this Entry

الأب حبيب مراد

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير