ما هي "خطيئة الفكر"؟

كتبت إلي سيدة إيطالية طالبة بعض التوضيح عن ماهية “خطيئة الفكر” بحسب تعليم الكنيسة. وجاء سؤالها عقب بعض الاعتراضات التي قدمتها ابنتها المراهقة التي قالت لي: “كيف يمكننا ألا نُخطئ بالفكر؟ فالأفكار تتولد في ذهننا بالرغم عنا. كيف يُعقل أن نكون مسؤولين عما يتم فينا دون إرادتنا؟!”.

Share this Entry

*

ابنتك على حق! الأفكار تتولد في ذهننا ولسنا مسؤولين عما يمر في ذهننا دون إرادتنا! يكفي أن نفكر بالتشتت، حتى في مسائل تهمنا. لا أتحدث هنا عن الصلاة بالضرورة، بل أتحدث عن التشتت في أمور تهمنا، مثل حديث مع شخص عزيز، وبالرغم من اهتمامنا بما يريد أن يقوله لنا، يحصل أن نتشتت عما يقوله رغم إرادتنا.

لهذا في هذا “الجواب عالطاير” سأتوقف على موقف الكنيسة في هذا الشأن. يتحدث تعليم الكنيسة (في مجمع ترنتو) عن “النزعة” أو “الشهوة” (concupiscentia) ويصفها بأنها “رغبة فوضوية” كامنة في طبيعتنا وهي “ميل إلى الشر”. يظهر هذا الميل بين أشواقنا وميولنا حتى ولو لم نُرِد ذلك. على سبيل المثال: نريد أحيانًا أن نكون بسلام مع الآخرين وأن ننسى خطأ من أساء إلينا، ولكن رغم إرادتنا يذهب فكرنا إلى أفكار غضب أو حقد أو انتقام ما شابه ذلك. هل أرتكب خطيئة بمجرد مرور هذه المشاعر في قلبي؟

كلا! وقد يكون العكس صحيحًا! وسنرى ذلك بعد توضيح بسيط.

يشرح لنا مجمع ترنتو أن “النزعة ليست بحد ذاتها خطيئة، ولكنها تأتي من الخطيئة وتجعلنا نميل إليها”. ويضع تحت حرم كنسي من يقول أن “النزعة” بحد ذاتها هي خطيئة.

وعليه، بكلام مُبسط، من يظن أن الأفكار السيئة التي تمر في رأسنا هي خطيئة لمجرد مرورها في رأسنا، لا يتبع تعليم الكنيسة!

كيف يكون العكس صحيحًا إذًا؟

المجمع عينه يعلمنا بأن من يرفض الخضوع للنزعات، لا يقع في الخطيئة وحسب بل يقوم بالجهاد الروحي ويتقدس! “فالنزعات لا تستطيع أن تؤذي من لا يخضع لها، بل يقاومها بشجاعة بنعمة يسوع المسيح. ومن يقاوم النزعات سيتكلل [بالقداسة]”.

ولكن يبقى السؤال: ما هي “خطيئة الفكر”؟

خطيئة الفكر ليست الفكرة، بل الفكر الذي أعانقه وأود تحقيقه بإرادتي وكامل وعيي. وهذا القرار، حتى لو لم أتمكن من تحقيقه لأسباب خارجية، فهو خطيئة لأني اخترته وعانقته ولم يكن مجرد فكرة مرت ببالي مرور الكرام. بالعودة إلى المثل السابق الذي قدمته لابنتك: إذا قررت أن أضع موضع التحقيق فكرة الانتقام من شخص قام بأذيتي، ولكن بعد ذلك تعسر عليّ تحقيق هذه الفكرة. رغم أنني لم أفعل فعل الانتقام، إلا أنه كان قد أضحى قرارًا واعيًا وإراديًا وبالتالي هو ليس خطيئة “فعل” ولكنه “خطيئة فكر”.  

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير