إيماننا قائم علي شخص ربنا وإلهنا ومخلصنا الصالح ،حسب الكلام الذﻱ كلمنا به الكلمة الإلهي، والذي به جعلنا أهلاً لشركة ميراث القديسين في النور، وأنقذنا من سلطان الظلمة لينقلنا الي ملكوت ابن محبته. فكلامه وتدبير خلاصه هو أعظم كل المعجزات، وأثبت من أي انشغالات مفرطة تسعي لبراهين حسية او غيبية (آمنتُ لذلك تكلمتُ).
لذلك تدعونا الكنيسة إلى الاحتراس والصحو، لنكون حذرين تجاه أي ظواهر روحية، لأننا نؤمن بالإيمان لا بالعيان، ولا نكون كالجيل الشرير والفاسق الذﻱ يطلب آية ولا تُعطىَ له آية (مت ١٣ : ٣٩)، لأنه لا آية أعظم من معجزة خلاصنا الثمين التي لا تشيخ ولا تنضُب، والتي تتخطى الأزمنة والآراء الشخصية المتقلبة.
كل ما هو عصرﻱ اليوم؛ يصبح غدًا قديمًا وباليًا، أما نحن فأحياء لله في المسيح يسوع، وأبديتنا باقية، ونسعى كل يوم لنقطر ونجمع زيتنا، في جدة الحياة حاملين ثمار الروح جاعلين غير المنظور منظورًا، فاعلين كل شيء لمجد الله، عاكسين مجده بثبوتنا فيه. إيماننا الصادق يفتح الطريق لعبور عتبة الحق، لأن وجود الله عميق فينا وسِرِّﻱ، يعلن سره لأتقيائه، ويعلن ذاته للذين يحبونه ويخافونه ويتعبدون له ( الثالوث القدوس الممجد )وحده ووحده فقط .
إن معجزتنا الأكثر حضورًا وأهمية؛ عندما يكون عمانوئيل إلهنا كائن معنا على المائدة كل يوم، وكل يوم يصير لنا اليوم. نبشر بموته ونعترف بقيامته المقدسة وصعوده إلى السموات. يعلن لنا خلاصه وحبه العجيب ومشيئته الحلوة من نحونا، وهذه هي الطريقة الكونية الوحيدة لإشباع بئر رغبات الإنسان، إذ ليس بأحد غيره الخلاص، مَن وجده لا يضِل، ومن يتكل عليه لا يُعاقَب، هذه هي أعظم المعجزات جميعًا. لأن الأشياء التي تُرى وقتية، أما التي لا تُرى فأبدية.
وأقول للاهثين وراء المنظورات والظهورات والحسيات والملموسات: تعالوا إلى الحمَل المذبوح وانظروا سره الأزلي والمخفي منذ الدهور والذي فتش عنه الأنبياء بالنعمة باحثين عن خلاص ذاك الحمل السالم ( الصامت) الذي جز وصلب ولم يفتح فاه /// الذي امسكوه/ وادانوه/ وحاكموه/ وسيق الي الذبح / وانتزع قضاؤه= خسر قضيته / وقطع من ارض الأحياء .ليكون لنا خلاصا وتبرير وفداءا واقتناءا أبديا وفصحا بريئا من العيب .
إن الكلمة الإلهية (كتابنا المقدس )وحدها الثابتة إلى الأبد، هي صوت المسيح الحسّي الحي والمتكلم، وهي أيقونته لنا، هي غذاؤنا وزادُنا وغنىَ نفوسنا، حية وفعّالة، أنفاس الله وكمال الحق التي للمعرفة الكاملة بتدبير الثالوث.
كلمة الله المقويَّة المعزية المُشبِعة التي تقطع سرطانات الخطايا (سيف ذو حدَّين)، تقطع كل ضلال مؤدﻱ للهلاك، وخارقة للأمخاخ والنيّات، تنقينا وتعلمنا وترقينا لندرك ما أدركنا سيدنا لأجله .
لا مفهوم حقيقي للعجيبة؛ إلا أنها (علَامة) لا تُدرَك إلا بالإيمان، وحتى العجائب التي تُجرىَ على أيادﻱ القديسين؛ هي ليست من صنعهم؛ لكنها تتم بإرادة قوة الله. لكن ضعف إيماننا واسترخاءنا الروحي يدفعنا أحيانًا إلى استكمال عجزنا الروحي واللهث وراء العجائب، بقصد إيجاد برهان محسوس ومادﻱ للإيمان، وكأنه لا يكفينا تدبير الخلاص العجيب. وضعف الإيمان هذا يجعل الكثيرين ينصرفون عن خلاصهم وقانونهم الروحي؛ بالاتجاه ناحية الغيبيات والخرافات المصطنعة والممارسات الباليةالمعطلة لخلاصهم ، حاسبين أن إيمانهم متوقف على الركض نحو العجائب، بينما برهان الإيمان ومقياسه هو في الثبات في صخر الدهور ربنا يسوع المسيح رئيس الإيمان ومكمِّله الذﻱ لا يتبدل ولا يتغير، وملكوته لا ينقرض ولا يتزعزع ولا يزول.
مسيحنا له المجد لم يصنع معجزاته إرضاءً للناس أو لإثارة إعجابهم واجتذابهم، لكن أعماله علامات ورسائل للذين لهم عيون ليروا ملكوته حاضرًا فيبصرون ويفرحون، معجزاته تتكلم بنفسها أنه هو كلمة الله مخلص العالم، وجميع أعماله هي أقوال موجَّهة لنا، ننظر إليها لنفهم قدرة صلاحه وسلطانه على الطبيعة والحياة والموت والمادة. إنها رسائل ودروس خلاصية نتجاوب معها ونقبلها لأنها وجه من أوجه مقاصد خلاصنا، والذﻱ وَعَدَ هو أمين.(رضا الإيمان ” علامات ا لأعمال) ،(النعمة ” وقبول الاستجابة).
أعمال الله ليست من غير مقاصد، فهي من قِبَل المدَّخر فيه كل كنوز النعمة والحكمة والمعرفة. وكلماته وأعماله تكدِّس لنا البراهين التي لا تقاوَم كي تكون لنا الجراءة والثقة وإقرار الرجاء. فالمسيح على جبل التجربة رفض صنع معجزة، بينما أبطل حُجَج المجرِّب وانتصر عليه. وكذلك عندما طلب منه رؤساء الكهنة أن ينزل من على الصليب ويخلص نفسه في الجلجثة، لكنه لم يفعل، بل قام ظافرًا وأبطل شوكة الموت وغلب الهاوية.
أعمال الله ليست للإبهار ولكنها لصنع مشيئة عالية سامية صافية سماوية. فلم يشفِ المسيح كل أعرج وأعمى وكل موتى زمانه، لأن أعماله مقتدرة، وقد أتى بعلامات ليصنع مشيئة الذﻱ أرسله ويعمل أعماله. كل معجزة إلهية لها هدفها الخلاصي وحينها الحسن ومقاصدها الإلهية التدبيرية (إيكونوميا) Εκονομία.
وكم عجيبة ومعجزة صنعها الرب في وجود يهوذا الخائن، لكنه لم يدرك المقاصد. لذلك العجيبة الحقيقية هي في توبتنا وتقديسنا للساعة، فلنتمم خلاصنا بخوف ورعدة كي لا يتسلط علينا الإثم. ولنأتِ ونضع أنفسنا عند السيد الضابط الكل، لأن كل من يُقبِل إليه لا يُخرجه خارجًا، ولنكمل أمر خلاصنا بوعي ونتمسك بالمعونة الحصينة القادرة أن تطفئ سهام إبليس المتقدة نارًا، فيهرب عنا الافتخار والشر الأو
ل الذﻱ هو العظمة، ومن ثم ننال الدالة والخيرات غير الموصوفة.