ملكوت الله ومجيء ابن الإنسان

سؤال اليهود الأكبر وانتظارهم الأعظم ، كان ولا يزال عبر العصور هو هو : ” متى يأتي ملكوت الله ؟ ومتى سيظهر المخلّص الزمني علنياً ، الذي سيعيد سيطرة الفريسيون والكتبة على العالم ؟ ” .

Share this Entry

هكذا كان ايضاً تفكير تلاميذ يسوع ، منتظرين المنصب الأرقى في تلك المملكة الأرضية الزائلة .
فجاء جواب يسوع مخيباً لآمالهم الدنيوية قائلاً : ” إن ملكوت الله بينكم وفي داخلكم ” ( لوقا ١٧ : ٢١ ) 

ملكوت الله ملكوت سلام وعدالة :
ملكوت الله هو حضور المحبة الأبوية فيما بيننا لينمو بنشر السلام والرحمة والعدالة والاخوة . هذا الحضور يظهر بالصمت والوداعة والبساطة والتواضع وقبول الآخر وصداقته والعيش والعمل والتعاون معه ومسامحته و … وحضور الله الثالوثي فيما بيننا وفي سر الافخارستيا سر المحبة والتضحية ، وقبوله الحرّ في قلوبنا لأنه هو السعادة الحقيقية .
هذا الحضور هو نور على دروب مسيرتنا نحو الكمال ، وملح حياتنا يطعّم أعمالنا بالمبادئ الإنجيلية و الإنسانية .
وظهوره المفاجىء يوم مجيئه الثاني سيكون دينونة ومحاسبة لأعمال الرحمة والمحبة التي قمنا بها نحو القريب خلال حياتنا على الأرض ، ومشاركتنا لآلامه ولسر الفداء .
من بحث على الأرض عن مصالحه الشخصية وانانياته ونعيمه واعتبرها سعادته ، تزول هذه السعادة بزوال الأرض . ومن وجد فرحه وسعادته في مشيئة الرب وإرادته ، يدوم فرحه بدوام الآب السماوي السرمدي ، ” من أحبّ حياتٓهُ فقٓدٓها ، ومن رغب عنها في هذا العالم حفِظها للحياة الأبدية . من أراد أن يٓخدمني ، فليتبعني ، وحيث أكون انا يكون خادمي ، ومن خدمني أكرمه أبي ”
( يوحنا ١٢ : ٢٥ – ٢٦ ) .

الاستمرارية في الصلاة بخشوع وتقوى وثقة و وبدون ملل :
الصلاة المتواصلة هي العلاقة المتواصلة مع الله ، وهي محرّك الحياة الروحية فلا يجوز الملل والانقطاع والفتور . والصلاة ليست بسهلة لأنها تطلب منا تركيز وانتباه وتأمل عميق . والنيات الحسنة لا تتحول بسهولة إلى أعمال . لإن الرب يسوع يريد ذلك لأنه ممكن تحقيقه بطلبنا المستمر وبقلب طاهر وضمير حي و نقي ، وبشرط أن يكون التجاؤنا إليه بتواضع وثقة ، وبروح الفقر والتجرد والمثابرة . والرب المحب يستجيب صلوات مختاريه الذين ينادونه دائماً بإيمان ثابت . لولا هذا الإيمان لا وجود للصلاة ، وفي غياب الصلاة لا وجود للآب العطوف والحنون ، عندئذٍ نستسلم لكبريائنا وأنانياتنا ، ونتائجهما : الحسد والحقد والبغض والكراهية والكذب والحروب والعنف …..
صلاتنا هي فعل شكر لكل ما صنعه الله الآب معنا بإبنه يسوع المسيح وكل شيء هو من لدنه .
يجب أن تكون صلاتنا بعيدة عن الكبرياء والمقارنة مع الغير والذمّ به ، لإن ” كل من رفع نفسٓه وُضِعٓ ، ومن وضٓعٓ نفسٓهُ رُفِعٓ “
( لوقا ١٨ : ١٤ ) .
الصلاة هي اعتراف، أمام من أحبّنا محبةً غير متناهية، بقدرتنا المحدودة وفظاعة آثامنا وضعفنا البشري ، طالبين غفرانه بقلب منسحق وثقة بنوية . وهكذا سيكافئنا الرب لأننا اتكلنا على نجدته وقدرته الإلهية .

المطران كريكور اوغسطينوس كوسا
أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك

Share this Entry

المطران كريكور أغسطينوس كوسا

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير