من طقس رتبة النهيرة

“عَلْ هَاوْ تَرْعُو.. بَارُويُو”

Share this Entry

مساء أحد الشعانين المعروف في الطقس السريانيّ الأنطاكي بالنهيرة أي الأنوار ، له طقس مميز في الكنيسة ، وكله يدور حول مثل العذارى المذكور في إنجيل (متى25: 1-13) خمس منهنَّ حكيمات ، وخمس جاهلات .
والكنيسة تستعد من خلال الطقس الجميل أن تعيش في محور المعاني السامية للإنجيل ، وهي بذلك تحث أبناءها وبناتها ليكونوا من نصيب حكمة العذارى الحكيمات اللواتي كنَّ مستعدات استعدادا لائقا ودائما للدخول كمدعوات رسميات إلى العرس .

ومن طقس النهيرة ، عند قرع الباب الملوكي يرتل ” عَلْ هَاوْ تَرْعُو .. بَارُويُو” ومعناه : على ذلك الباب الخارجي وقف سمعان يبكي، وهو يقول : يا رب افتح لي بابك ، أنا تلميذك ، لأن السماء والأرض يبكيان عليَّ ، إذ قد فقدتُ مفاتيح الملكوت .

عَلْ هَاوْ تَرْعُو.. بَارُويُو: يُثِب وُو شِمْعُونْ وْبُخِي: رَابِي فْثَاحْ تَرْعُوخْ: دِناوْ تَلْمِيذُخْ شْمَايُو وَارْعُو: عْلاي نِبْخُونْ: دَقْلِيذِه دْمَلْكُوثُو أَوْبْدِثْ.

عيد لقاء العريس … يا له عيدا غريبا في الواقع ، لا يعكسُ طقوس الأعراس اليهودية في القرن الأوّل ، إلا من بعيد . تجمع رواية العرس هذا ، سمات استعاريّة تحدّث المسيحيون من خلالها عن ” المجيء ” ، أي عن مجيء المسيح في آخر الأزمنة : من الواضح أنّ العريس هو المسيح ، والعذارى يمثّلن الكنيسة التي تخرج لاستقبال المسيح . ويرمز تأخّر ” المجيء ” إلى الإنتظار الطويل له ؛ والدخول إلى قاعة العرس ، هو الدخول إلى الملكوت ؛ أما الباب المغلق يذكر بخاتمة العظة على الجبل ، فهو يعبّر عن الرفض الحاسم .

هكذا ، ليس المسيحيّ شخصًا متوترا بسبب اقتراب النهاية ، وإنّما عليه أن يتّخذ كلّ الاستعدادت كي يعيش ايمانه على المدى الطويل : على هذه النقطة ، ستقوم الدينونة الإلهيّة بالتالي ، وذلك لإفحام الذين لا يعيشون إلاّ في حدود اللحظة الحاضرة . وحالة النشوة التي تمنحها هذه ” اللحظة ” ، وكأنها إمتلاء واهم – لا قبل له ولا بعد – قد تتغلّب أحيانا على الشعور ” بحاضر ” أصيل ، يعرف كيف يستخرج الدروس من الماضي ويُعدّ المستقبل ؛ وحينذاك يجد المثل من جديد ، كل ما فيه من قوّة المناشدة .

يراد بالعذارى الحكيمات ، المؤمنين الذين استساروا بالأعمال الصالحة ومنها المحبّة والرحمة ، وبالجاهلات المؤمنين الذين أهملوا أعمال الرحمة والمحبة . ويرمز الزيت الذي كان يستعمله اليهود عوض الشمع ، إلى الأعمال الصالحة التي من دونها لا ينير مصباحُ الإيمان بل يُطفئ ، وبها يضطرم وينير ويتلألأ .

يُراد بإبطاء الخَتَن ( العريس ) زمان التوبة . وبالنعاس المرض ، وبالرقاد الموت ، وبإنتصاف الليل مجيء الديّان بغتة ، وبالصيحة الحركة الداخلة بالإلهامات الإلهيّة والخارجة بواسطة المنذرين بكلام الله . أو يُراد بالصيحة أيضا ، بوق رئيس الملائكة الداعي الموتى من قبورهم إلى القيامة وملاقاة المسيح الديّان كما فسّر يوحنا فم الذهب وأريجانوس وإيرونيموس وغيرهم .

ويفسّر أيضا آباء الكنيسة الأولون بأنّ العدد خمسة يرمزُ إلى الحواسّ الخمس . كلّ نفس ٍ تُمنح الرقم خمسة ، لإستخدامها خمس حواسّ. فما من إدراك ٍ حسيّ للجسد إلا عبر هذه البوابات الخمس : النظر ، السمع ، الشمّ ، الذوق ، اللمس . فمن إمتنعَ عن النظر المحرّم ، وعن السمع المحرّم ، وعن الشمّ المحرّم ، وعن الذوق المحرم ، وعن اللمس المحرّم بدافع الطهر ، فإنه يُكنّى هنا بالأعذر أو بالعذراء .

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير