صَليبُكَ

صليبك موضع جدال منذ يوم صليبك٬ لكنه أعجب معجزاتك الإلهية فلولاه لَما بطل الموت ولا انحلت الخطية ولا انهدم الجحيم ولا انفتحت أبواب الفردوس.. صليبك هو إقتدارك ونصرتك التي أظهرتها أمام الخليقة كلها… أطراف صليبك جمعت العلو والعمق؛ والطول والعرض؛ ما يُرى وما لا يُرى.

Share this Entry

صليبك هو مجدك الذي به تمجدت وهو قمة خلاصنا ومصدر كل الخيرات وبواسطته صرنا مقبولين بعد أن كنا منبوذين ساقطين، صرنا عارفين للحق وارتفعنا من عمق الخطية إلى قمة الفضيلة.. صليبك هو ختم حمايتنا وضمانك وصنعتك التي بها لايمسنا مُبيد الكل٬ من صليبك فزعت الشياطين وهربت فارة، صليبك هو زينتنا وفخرنا لأنك ارتفعت عليه ليس تحت سقف ما يظللك ، بل سماء. صليبك عاليًا مرتفعًا؛ أنرت به على الجالسين في الظلمة. سال عليه دمك الذكي الكريم فطهر كل أدناس العالم.

ذبيحتك مسكونية أدخلت بها المؤمنين بك إلى الفردوس، حالما فتحت الفردوس المُغلق وأدخلت اليه كل لص شاطر يغتصب الملكوت. صليبك هز أركان الطبيعة.. شقق الصخور وأخفى لمعان الشمس والنجوم لأنك أنت وحدك ضياء السماء والأرض كلها، وهما مملوءتان من مجدك الأقدس. صليبك مزق الذنوب وفك النفوس من قيد الأثيم القبيح؛ وربطنا بخيط محبتك ونجانا من اللعنة والعبوس فصار لنا مرساة الرجاء. صليبك هو العمود المبارك المثلث الغبطة الذي بسطت عليه جسدك لتعتق كل المائتين. هو فخر المؤمنين وجمال الرسل؛ ومعونة كل الذين يعاينون حياتهم معلقة تجاهه، ومنه ينبُع المشروب الإلهي.

إننا نرفعه رافعين أيادينا بالعلامة وسط أتون هذا العالم الحاضر؛ باسطين أيادينا في جوف الحوت برسم آلامك الخلاصية متطلعين إلى نجاتنا من أفواه الأسود ومن الذين يريدون أن يقطعوننا من أرض الأحياء. ولا زال صليبك يُقاوَم حتي اليوم من الكارهين لإسمك (اصلبْه اصلبْه) والذين كانوا أيضًا منذ ولادتك أتوا ليهلكوا الصبي؛ ولا زالوا إلى الآن كارهين كنيستك ورافضين خلاصك الثمين؛ بينما صليبك هو فعل محبتك لهم وافتقادك للعالم٬ وهو ليس علامة سكون لكنه علامة حركة ذراعك الأبدية المفتوحة كي تصطاد وتضم كل من يُقبل إلى دائرة خلاصك٬ لذا لم نَعُد نحمل صليبك فقط بل صليبك أيضًا يحملنا.

إن صليبك هو السيف القاطع لقرون الشيطان٬ قوته غير مقهورة وعجائبه خلاصية من الضغطة والشدائد والدينونة٬ إنه قوة – Δυναμο (دينامو) – ومصدر حياتنا وطاقتنا ونمونا وهو القوة الإلهية التي تسند غربتنا منذ ولادتنا حتى رُقادنا. لقد أشرق نور صليبك عندما أظلمت الأرض فلا عتامة ولا ظلمة ولا ضبابية ولا كتمان ولا تضليل.

إنك لم تترك صليبك على الأرض بل أخذته وأصعدته معك إلى السماء؛ لأنك ستُحضره معك في مجيئك الثاني ليضيء ثانية عندما تتزعزع قوات السموات في الدينونة. ستأتي حاملاً صليبك المحيي٬ ستُحضره معك وسيعرف الذين صلبوك ورفضوك وكذّبوك (ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم) مقدار جحودهم وجهالاتهم وشرِّهم؛ وستنوح شعوب الأرض كلها عندما ترى جراحاتك وجنبك المفتوح؛ وعندما ينظرون الذي طعنوه.

Share this Entry

القمص أثناسيوس جورج

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير