–
المرصد الآشوري : انقشاعات في الضبابية السياسية للجمهورية الفرنسية تجاه مسيحيي الشرق
هاية جدل ساد الاوساط السياسية الفرنسية في الآونة الأخيرة، فيما يتعلق بتحركات غير مسبوقة في دولة تبنت مبدأ العلمانية في سياستها الداخلية منذ العام 1905. هذه التحركات بدأتها فرقة كهنة كاثوليك باتجاه انشاء تيار ذو صبغة دينية لدعم مسيحيي الشرق الأوسط، بالتزامن مع ما يتعرضون له هؤلاء من تهديدات إرهابية و اضطهاد ممنهج من قبل معظم التنظيمات الإسلامية المتشددة بسبب خلفيتهم و معتقداتهم الدينية.
جاء هذا الجدل على أعقاب نقاشات سياسة حادة بين مختلف الأطياف المؤثرة في القرار السياسي الفرنسي، خلف هذا الجدل ضغوطات أرغمت على أثرها شركة(RATP) شركة النقل الباريسية، التراجع عن قرارها و قبول نشر الملصقات الدعائية الخاصة بالترويج لحفل غنائي خيري تحييه فرقة الآباء (Les Prêtres) في العاصمة الفرنسية باريس يوم 14 حزيران / يونيو 2015، سيعود ريعه لصالح ضحايا الصراع الدائر في سوريا و العراق من المسيحيين.
هذا وكانت في وقت سابق الـ (RATP)، قد رفضت السماح بالترويج لهذا الحفل من داخل محطاتها، بحجة أنه قد تم إدراج عبارة ” Au bénéficie des crétiens d’orient ” أي ” لصالح مسيحيي الشرق الأوسط ” على الملصقات الدعائية الخاصة بالحفل. هذه العبارة التي اعتبرتها عبارة دينية الدلالة، و لاتتناسب مع مبدأ العلمانية الذي يعد أحد أركان الجمهورية الفرنسية، والذي يقوم على أساس حياد المؤسسات العامة تجاه الأديان كافة.
وقد تتالت التصريحات الصادرة بهذا الخصوص في الأيام الأخيرة محدثة ومعلنة عن مواقف جديدة للحكومة الحالية، وكذلك لمعظم الأحزاب الفرنسية بخصوص قضية مسيحيي الشرق الأوسط.
كما تعالت الأصوات لدعم هذه القضية من قبل رجال السياسة البارزين في فرنسا مثل مانويل فالس رئيس مجلس الوزراء الفرنسي إذ جاء تصريحه معلنا وواضحا على الشكل التالي ” اوقفوا الجدل العقيم، ادعموا مسيحيي الشرق ضحايا الإرهاب الظلامي، الـ (RATP) يجب أن تتحمل مسؤوليتها “، وكذلك تصريح آخر لحزب الوحدة من أجل حركة شعبية (UMP) بقيادة نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق، يطلب فيه من الحكومة الحالية تحمل مسؤوليتها والضغط على الشركة الباريسية للنقل للعدول عن قرارها الرافض لنشر الملصقات، وأدان فيه موقف هذه الشركة”، كما صدرت تصريحات مماثلة من قبل جان فان سان بلاسيه رئيس مجموعة الخضر في مجلس الشيوخ الفرنسي، وماري لو بين رئيسية حزب الجبهة الوطنية الصاعد بقوة في فرنسا، والنائب في البرلمان الفرنسي عن حزب ( UMP) تيري سولير، الذي وصف ما يتعرض له مسيحي سوريا والعراق بالتطهير العرقي الممنهج.
ونحن في المرصد الآشوري لحقوق الإنسان، و أمام صمت وعجز الحكومات في منطقتنا عن حماية هذا المكون الأصيل والتاريخي، مما يطاله في هذه الأيام العصيبة التي تمر على المنطقة أجمع من اضطهاد ممنهج لافراغ ومحو وجوده من على هذه الأرض. ولئلا يبقى المسيحيون رهنا لرفض التيارات الإسلامية المتشددة والمسيطرة حالياً لوجودهم من جهة، ومتاجرة حكومات بلدانهم بقضية الأقليات من جهة أخرى. فإننا نطالب جميع المؤسسات الفاعلة داخل سوريا والعراق، والمهتمة بالشأن المسيحي، تكثيف جهودها بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات الأوروبية ذات الثقل الدولي. لوصف ذات الحال، و لإيصال الصوت المسيحي المهدد بالاندثار في مهد ديانته الأصلي. مستفيدين مما لوحظ مؤخرا من تبدل في مواقف هذه الدول تجاه قضايا شعبنا المسيحي في الشرق الاوسط بشكل عام، وفي سوريا والعراق بشكل خاص.