١– القيامة مهمة التلاميذ
يتمحور عمل التلاميذ بشكل عملي وفعليّ، في تجسيد وتحقيق طبيعة القيامة التي هي طبيعة المسيح عينه، وذلك في واقعهم المعيش (راجع مت٢٧: ١٦- ٢٠؛ مر١٦: ١٤- ١٨؛ يو ٢٠: ١٩- ٢٣). وما هي طبيعة يسوع الفادي؟ إنها طبيعة منتصرة دوما على كافة وأشكال وأنماط فساد ثقافة الموت. طبيعة إلهية وإنسانية، غلبت الموت بالحياة والغفران، لا تنهزم ولا تُسحق ولا تُلغى، ولا تخاف من رهبة التهديدات والعنف، فهي تقف مع التلاميذ في وجه تهديدات الموت المهزوم بقدرة الحب المنتَصر ( راجع روم ٨: ٣١- 39).
2- –مهمة الملائكة
جنود القيامة هم الملائكة (راجع مت ٢٨: ١- ٩)، يرافقون تلاميذ يسوع، في تذليل العقبات الصعبة من أمامهم وتسهيل مهماتهم على أكمل وجه (راجع أع ٥: ١٧- ٢٠) . إنه تعاون متضافر ومتضامن، بين ما يرى وما لا يرى (مجمع نقيا)، إنها تجسيد واقعيّ للحقيقة الشركة، تعاون مبني على المحبة، التي تزيد العزم في نفوس الإتباع، مما تحثهم في نشر البشارة. إن نقل القيامة الى العالم أجمع، مهمة لا تنحصر قط على الترابيين، بل هي مهمة مزدوحة مؤلفة من بعدين، سماوي، وأرضي. فالملائكة مع القديسين، يقدمون لكنيسة الأرض الدعم الروحي، وذلك في إرساء وترسيخ رسالة الأنجيل للعالم أجمع، عبر الآيات والأعاجيب والإرتدادات.
3- القيامة قوة التلاميذ
إن القيامة التي حققها يسوع، لعصيّة من أن يسجنها سلاطين العالم في قبر أو قفص اتهام، او تزج في معتقل او سجن، وبقدر ما يُعمَل على إسكات أتباعها، بالقدر عينه تتكسّر بقوتها أغلال الظالمين، وتندثر مكانتهم ويتحوّل موضعهم عن مكانه ويزول ويحطّ إلى الأبد (نشيد مريم، لوقا ١: ٤٦- ٥٦) ، إنها قدرة حب نوعية خلاّقة محيية، تغيّر بديناميكيتّها القلوب من الداخل لا بل الواقع برمّته، لأنها تنقل إلينا الجديد، أي جديد الله، الذي هو دائماً الملكوت الحاضر والذي يعمل بخفاء، بإمكان أن نطلق على القيامة لقب “عنف السلام الهادىء” الذي يجتاح ثقافات الشعوب بثقافة الحياة المنتصرة على الموت. وبقدر ما يعمد الشر مع أعوانه، على إسكات شهود القيامة، عبر الضغط والتهديد والتوقيفات الإعتباطية (راجع أع ٤: ١- ٣٦)، بالقدر عينه، تتحوّل الأفواه إلى أبواق للحقيقة والمحبة والعدالة والسلام، أفواه وقلوب مصلية وأيدي ترفع التسبيح الى الملك المسيح، فهي لقادرة أن تزعزع بقدرة الشركة – النحن الإلهيّة المسكونة قاطبة، وذلك بقوة الروح القدس المحيي روح الشركة والتجدّد روح الحياة والقداسة والمحبّة ( راجع أع ٤: ٢٣- 31).
4– القيامة تحوّل التلاميذ
القيامة قدرة حياة محوّلة ومغيّرة، فمن يقبلها بإيمان ويتحوار معها، تجعل منه شخصًا حيًّا بالقائم من الموت. ويصبح كل تلميذ، منذ الآن جالسٌ عن يمين مجدّ وقدرة الإبن الحمل الإلهيّ، الذي يضع قدرة الروح القدس في متناول أتباعه، تتمظهر في نقل وعيش رسالة الشركة: وجهتها وهدفها وغايتها إدخال الناس الى دائرة الله الثالوث (البابا يوحنا بولس الثاني).
5– قيامة التلاميذ والمجتمع
إن مواجهة المظالم بقدرة المحبة، والثبات على عيش إلإيمان في المحن، وممارسة عمليّة للفضائل الإنسانية والروحيّة، النابعة من التطويبات “تعبّر عن وجه يسوع ذاته”[1] هذا الوجه المتألّق دوما بأنوار القداسة، يشعّ في حياة التلميذ فرحاً وتسبيحاً ورجاء وسلاماً، فيجعله يحيا هنا والآن قضية الملكوت، أي بالإلتزام بمقتضيات العدالة الإجتماعية، كاحترام الحريّة البشرية و الدفاع عن حقوق الشخص البشريّ والخير العام، وتحقيق المساواة بين البشر، ونبذ التعصّب والتمييز الديني والعرقي والإتني، وحث أبناء العصر في عيش تضامن روحي و عمليّ لحقيقة التضامن على كافة الأصعدة، إنها علامات حسيّة روحية وعمليّة لديناميكيّة القيامة، تعبّر على قناعة التلميذ وحماسته التبشيرية في عيش البشارة، والتزام مسؤول وحرّ، في بناء ملكوت المحبة في القلوب والعائلات والمؤسسات[2]…
6- الملكوت منذ الآن
بفضل قيامة الرب من بين الأموات، تفتّحت القبور وانشق حجاب الهيكل، فصار ملكوت الله حاضراً في واقع التلاميذ، هذا الملكوت الذي ينقل الى كل إنسان مؤمن، محبة الله الخلاصيّة. وبالرغم من قوّة الحياة المتجليّة في الإبن، نراها حاضرة بشكل سريّ، في ضعف التلاميذ (راجع ١قور ١: ١٠- ٣١)، فمنه أي الضعف، نرى قدرة الله وعظمته في شهادة تلميذ يسوع، شهادة تتحقّق عدالة ومحبة وحرية، ملكوت تسري أنهاره الحيّة في شرايين التلاميذ، تمدهم حياة أبدية، ضدّ وباء الموت، الإفخارستيا مصدرها ونبعها.
7– شهود القيامة لا يموتون
إن تلاميذ يسوع، ليسوا بشخصيات هوليوديّة (افلام (Zombi آكليّ لحوم بشريّة، بل هم على عكس ذلك، إنهم شهود للقيامة، بقدر ما يقتلون، يحييون ويتجددون ويولودون بكمال المحبة الحقيقية فــ”الراجون للرب فيتجدّدون قُوةً يرتفعون بأجنحة كالعقبان، يعدون ولا يُعيون يسيرون ولا يتعبون” (أش40: 31) . من هذا المنطلق الإيماني المعاش والمُختَبرُ، نفهم ونعي وندرِك، لماذا يوجد في مجتمعاتنا وأوطاننا، هذه الكم الهائل من الشر المنتشر في الكثير من الحضارات والأنظمة والهيكليات وحتى القوانين الجائرة، التي تضطهد علناً وخفية الحضور المسيحي، وتعمل تلك الأدوات، على رفض مبادئ القيامة وطروحاتها ورؤيتها للإنسان والعائلة
و المجتمع والكون “حالة باكستان” خير مثال على ذلك[3].
صلاة
أيها الرب القدير، رب الشهداء والمعترفين، إننا نكل بين يديك المقدستين، وبشفاعة شهيدك المكرّم الكاردينال روميرو، حياتتا ورسالتنا، فاجعلنا على مثال حياة هذا الحبر المبارك، رسل حب في العالم، نشهد على حضور ملكوتك المحرّر، وسط تعرّجات الواقع ومآزقه وتحدياته وهشاشته. آمين.
[1] – التعليم المختصر للكنيسة الكاثوليكيّة، فقرة ٣٦٠
[2]– المرجع ذاته، فقرة ٤١٠ و ٤١١و ٤١٣.
[3] – قضية آسيا بيبي، التي سجنت قصراً وظلماً وحرق طفل مسيحي من قبل شلّة عصابة، وقانون التجديف الباكستاني، والذي يعامل المسيحيين بازدراء وينكّل بكراماتهم ويستبيح حرماتهم وأرزاقهم، فقط لأنهم ينتمون الى الديانة المسيحيّة…