وقدسجلت المذبحة رسميا ( على شكل ترحيل او ما يسمى بالسوقيات) في الجريدة الرسمية التركية (تقويم وقائع) بتاريخ 27-5-1915 .كذلك استولت السلطات التركية على اكثر من ربع مليون دار سكن والاف من ا لاراضي الزراعية، وكذلك اكثر من 500 كنيسة وديرا مسيحيا ، بعد ان سلبت وخربت محتوياتها ثم استخدمتها كمخازن للجيش التركي، كما ان بعضها احرقت والبعض الاخر استخدمت كجوامع ! منها اعظم كنيسة في العالم وهي كنيسة هاكيا صوفيا .
وتكتب موسوعة ويكبيديا في هذا الموضوع : “ ان مذبحة الارمن تشير الى القتل المتعمد والمنهجي للسكان من اصل ارمني، وذلك خلال وبعد الحرب العالمية الاولى 1914-1918 ،وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل القسري …ويقدر عدد الضحايا من الارمن خاصة وغيرهم من المسيحيين ، مابين مليون نسمة ومليون ونصف نسمة، وهي السياسة التي انتهجتها الامبراطورية العثمانية ضد الطوائف المسيحية وخاصة الارمن في تلك الفترة .”
وبعد 70 سنة على حدوث هذه المذبحة ،تحركت اخيرا الامم المتحدة، فاصدرت قرارا يعتبر مذبحة الارمن من عمليات الابادة الجماعية وذلك في 2 تموز من عام 1985 . لكن مع الاسف قامت الحكومة التركية حديثا و في عام 2005 باصدار قانون يحرم ذكر مذبحة الارمن من قبل مواطنيها، وانها مجرد طرد . بينما كان قد وصف الرئيس التركي كمال اتاتورك تلك المجزرة “ بأنها عملا مخزيا” .
على اثر قانون الصمت عن مذبحة الارمن التركية ،تحرك البرلمان الاوربي بمساعي من فرنسا، فجاء تقرير لجنة الشعوب الخارجية في البرلمان الاوربي في 3 ايلول من عام 2006 ، دعوة الى السلطات التركية للاعتراف بالابادة الجماعية للارمن والمسيحيين الاخرين، ان ارادت تركيا ان تنضم الى مجموعة الدول الاوربية .
ويذكر ان هناك حوالي اربعين دولة في العالم تعترف بحدوث اول مذبحة في القرن العشرين وهي مذبحة الارمن في تركيا من بينها: الولايات المتحدة والمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا وايطاليا وكذلك حاضرة الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي اللذين اقروا حدوث مثل هذه المذبحة المريعة بشكل رسمي، وحرموا انكارها من قبل مواطنيهم، كما اعترف بها ايضا كلا من اسبانيا وليتوانيا ولبنان وبلجيكا وقبرص وهولاندا وسلوفاكيا والسويد وسويسرا واستراليا وبولندا.
يذكر الاديب التركي الارمني الاصل اورهان ياموك الفائز بجائزة نوبل للاداب عام 2006 ،انه قد القي القبض عليه لانه طالب بذكر المجزرة ، قامت الجندرمة باحراق مكتبته،ولم يخلى سبيله الا عندما طلبت منه السويد الحضور لاستلام الجائزة .
ومن الملفت للنظر ان اسرائيل لا تعترف بالمذبحة نظرا للعلاقات الحميمة مع تركيا ، علما انها تمثل الشعب اليهودي المضطهد في الحرب العالمية الثانية ؟!
ومن الجدير بالذكر ان الارمن كانوا من الاقوام السباقة للاهتداء بالمسيحية،وذلك منذ الربع الاول من القرن الرابع للميلادوالارجح في عام 310 للميلاد ،وكانوا امة شجاعة وقوية، فقد وصلت جيوشهم الى شمال شرقي العراق في العصر الفرثي ، كما احتلت شمال سوريا بين الاعوام 83-85 للميلاد.
وهكذا يحزن المسيحيون الشرقيون اينما كانوا، وكل من له ضمير في العالم، في ذكرى الابادة الجماعية للارمن في تركيا،التي تصادف يوم 24 نيسان من كل عام . اعقب ذلك طرد مئات من العائلات المسيحية من غير الارمن من بيوتهم في مدن جنوب شرقي تركيا ، حيث وصل قسما منهم الى مدينة سنجار العراقية بعد ان قامت تركيا بطردهم من منازلهم قسرا وبعد قتل رب العائلة منهم بدم بارد وحسب الاوامر ، وقد استقبلهم اليزيديون في سنجار وقدموا لهم الطعام بعد ان كانوا في الرمق الاخير، هم ومن تبقى من اطفالهم بين الاعوام 1917 -1918 ، وبنيت بعد اعوام اول كنيسة في سنجار لهؤلاء المسيحيين .
وقد اعلنت مكتبة الفاتيكان في بداية شهر كانون الثاني من عام 2015 ، بان لديها نصوص شهادات مرعبة مخطوطة، تعود الى الاعوام التي تلت مجزرة الارمن وغيرهم من المسيحيين . وسيتم نشرها في كتاب خلال معرض (لوكس أركانا) الذي سيقام في المكتبة خلال الذكرى المائة للمجزرة في 27 نيسان القادم . وقد افاد محرر (محقق) المخطوطة الاب سيرجيو باكوفو ، انها تتحدث بالتفصيل عما فعله الجنود الاتراك بالعائلات الارمنية وغيرهم من المسيحيين، من بينها، ذبح النساء الارمنيات وبقر بطونهم لمعرفة جنس الجنين، كرهان بين الجنود العثمانيين . (موقع الفاتيكان ) .
وقد علق الروائي التركي اورهان ياموك في مقابلة ادبية في القاهرة بتاريخ 14-2-2015 “ ان تاريخ الابداع الادبي، انما يرتبط بقيود، تمنح الكاتب فرصا للبحث عن صيغ فنية متنوعة للهروب من الرقابة “ ويقصد الرقابة التركية على كتابات المسيحيين .