يسوع المسيح ورئيس هذا العالم

كيف توجد عند البعض من المؤمنين تصورات مشوهة و فرضيات خاطئة عند تناول أمور تتعلق” برئيس هذا العالم ”  ..

Share this Entry

وكأنه يوجد صراع من أي نوع بين السيد الرب يسوع المسيح و رئيس هذا العالم …   و  حين يتناول البعض موضوع الآيات فى  إنجيل يوحنا  (31:12)  و (30:14) و (11:16) .. فهم بإجباتهم سواء عن أسئلة لشركاء فى الإيمان المسيحى او لمن هم من الخارج .  يجعلون الأمور تبدوا مشككة …. هل حقا هذا الله ؟ و هل من المقبول ان يحمل  إيماننا أي تلميح من بعيد او قريب ، بأن فى مقدور المخلوق (رئيس هذا العالم) مواجهة (فى القوة و السلطان) مع الله . خالقه صاحب القوة و السلطان الحقيقى .

فأي صراع بعد كل ما أتم عمله الرب يسوع المسيح – أي صراع او معركة بين من فى يده و أعلن ان رئيس هذا العالم قد دين و بين من وقعت عليه الإدانة .كما هو فى  يو(11:16) ” وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين.”

– أين السند الكتابى الذى يشير بأى نوع من صراع بالمعنى الذى قد يصور و يخيل للبعض بطريقة طرحها و تناولها بأنها صراع قوة او قدرة . فإن كان يوجد قوى (رئيس لهذا العالم) انما ذلك لتنبيهنا .. لكن دائما لنا الأقوى … مت(29:12)” أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟”.

– و هل يكون صراع ما بين الخالق و المخلوق ؟ 

– لقد انتهى الصراع الوحيد الذى كان بكمال الأبن و هو متجسدا ولم يكن هذا الصراع إلا صراعا أدبيا .

نتناول هذا الموضوع لأننا نقرأ كلمات هى حقا صعبة  إن كنا ندرك أبعاد الإيمان الذى علينا حقا أن نؤمن به , كلمات هى فى حالة الفعل المستمر . مثل ( صراع السيد المسيح و معركته هى بينه / و بين  إبليس) او ( المعركة هى بين المسيح / و إبليس).

كذلك هناك أمرا آخر هام فى تحديد و معرفة أين تتجه أفكارنا عن محبة الله فى ذاتها (المحبة الكاملة).

فنحن كثيرا ما نصور او نتصور بأن الله فى محبته لنا  – و كأن هذه المحبة هى متميزة فقط للإنسان .. فاصلين كل معاملات الله  و دعوته كى ما يخلص الجميع (جميع البشر) –  وكأن كل ذلك لم يجرى أيضا على الذين كانوا فى السماء قبل ان يتركوا مسكنهم .

غافلين عن حقيقة أن محبة الله لا تتجزأ – ولا تنفصل عن طبيعته … ( دون إغفال أيضا لعدله ) فالله كامل و قدوس .

 لذلك نقرأ فى  2بط (4:2) لأنه إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا، بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم، وسلمهم محروسين للقضاء.

فإن كان الرب الإله فى محبته الغير محدودة لكل الجنس البشرى  ,  قدم نفسه فداء من أجل حياة جديدة أفضل و قيامة من الموت – فمؤكد بأن هذه المحبة هى هى كانت أيضا مقدمة كما نعرفها الآن و نؤمن بها . كانت لهؤلاء الذىن يكتب الوحى المقدس عن مكانتهم التى كانت لهم و عن كمال و جمال من كان رئيسا لهم كما جاء فى حز (12:28)

– ولأننا نعلم بأنه ليس عند الرب تغيير او ظل دوران  . يجب الحزر و الإنتباه  من خطر الوقوع فى خطية الكبرياء التى تقود للسقوط – فتطلب لنفسك إستحقاقات أكثر مما كان للملائكة  ( قبل أن يسقطوا) فتصور مثل هذه الأمور هى تحذبات أمام من هم أعظم قوة و قدرة و قد يفيدنا إن قرانا ما كتب بالوحى المقدس فى 2بط (9:2-11)

(يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة، ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين . ولاسيما الذين يذهبون وراء الجسد في شهوة النجاسة، ويستهينون بالسيادة. جسورون ، معجبون بأنفسهم، لا يرتعبون أن يفتروا على ذوي الأمجاد. حيث ملائكة – وهم أعظم قوة وقدرة – لا يقدمون عليهم لدى الرب حكم افتراء) .

و نقرأ ايضا فى 1بط (13:2-14) “فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ،  أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ” .

لذا يجب الحذر من التعالى و الكبرياء ف ( قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ.) أم 18:16

كذا نعلم بأن الإنسانية فى سعيها للحياة و الملكوت الأبدى هو اننا سنكون كملائكة الله فى السماء  مت(30:22).

– و أما ان الرب قد قدم عربون المحبة حتى ان الذين سبق و أخطأوا و هم محروسين للقضاء . قد عاينوا كل ما سبق و وعد به من فداء و خلاص . وكما هى المحبة فى كمالها – هكذا أيضا العدل و القضاء فى كماله …… فنقرأ فى 1بط (18:3-19)

“فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إِلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ، الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ،”

و هنا نلاحظ التمييز فى الكلمات بين (كرز) …… و بشر كما هى فى 1بط (6:4).” فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ.”

هكذا علينا جميعا ان ندرك و نعى تماما .  كما كانت المحبة من الله عظيمة لرئيس الملائكة و ملائكته الذين معه- حتى وجد فيه إثم  حز(14:28-15) . هكذا محبة الرب لنا هى عظيمة  , لكنه أبدا لن يعفوا عن من يحيا فى الخطية مستهينا بكل محبته التى قدمها لنا .

و كما سبق و أعلن عن إدانة رئيس هذا العالم فى  يو(11:16) ” وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ
قَدْ دِينَ.” ….. كذلك يعلن الوحى المقدس عن ابتداء القضاء من بيت الله 1بط (17:4) ” لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟”.

هنا نتوقف قليلا فهناك من  يتساءلون عن ما هو مكتوب فى الإنجيل عن  رئيس هذا العالم …. انه (قد دين) كما فى (يو11:16) ” وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.”  …… //  و بين انه (يأتى) حسب ما جاء فى  يو(30:14) ” لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضًا مَعَكُمْ كَثِيرًا، لأَنَّ رَئِيسَ هذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.”

هنا حقيقتين هامتين :.

الحقيقة الأولى

* إعلان الوحى المقدس ان رئيس هذا العالم ” قد دين” .. فهذا حق مؤكد .

فى ذات الوقت نستدل على استمرار هذه الرئاسة  و انها مازالت قائمة بآيات آخرى ( يكفى إعلان الوحى بأن آخر عدو يبطل هو الموت – و الذى هو مازال موجود على الأرض) ……1كو(26:15).

فى هذا الشأن علينا الوعى و الإنتباه  –  فهناك دائما وقت ما (قصر أم طال)  ما بين صدور و إعلان الحكم / و بين تنفيذ الحكم و العقوبة . فهذه أمور موجودة و نعاينها كثيرا فى الحياة (كما نراه فى المحاكم و القضاء ).

– نرى هذه الأمور فى قيامة الرب يسوع المسيح بجسده / لكن إتمام قيامة الجسد الذى هو كنيسته (شعبه – عروسه) كقيامة بالجسد ، فهذا تنفيذه سيكون فى الموعد الذى سبق و ان أعلن عنه .

– كذلك كما كان التحذير و الإعلان لآدم  عن الموت إن أكلا من شجرة معرفة الخير و الشر (تك 16:2-17)  …  لكن  هذا الموت لم يتحقق على الفور بل تنفيذه قد تحقق فيما بعد .

– ليس هذا فقط بل فى إعلان الرب الإله و وعده  بسحق رأس الحية  (تك 15:3) . /  فإن  تحقيق و تنفيذ هذا الوعد و هذا الحكم كان بحسب الوقت المعين له.( و هو الذى قد تحقق بمجئ الرب يسوع المسيح فى ملء الزمان ).

الحقيقة الثانية

   * المتعلقة ب ( يأتى ) عن رئيس هذا العالم كما هى فى  يو (30:14)  فالحديث هو خاص بإعلان الرب يسوع عن قرب تسليم نفسه  .. ” للموت طوعا “.. و ليس عن أي خطية مما يمسك بها الموت كل إنسان خاطئ ((كإدانة بالجسد  1بط 6:4– وكما ان الجميع أخطأ و يخطئ “مهما كانت صغر و حجم الخطية” – لذلك يسرى الموت الجسدى على كل البشر – كقانون موضوع  (عب 27:9) )) … من أجل هذا يعلن الوحى المقدس عن عدم إمكانية إمساك الموت بالرب يسوع المسيح  كما يذكر الوحى فى  أع (24:2) ” اَلَّذِي أَقَامَهُ اللهُ نَاقِضًا أَوْجَاعَ الْمَوْتِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ يُمْسَكَ مِنْهُ ”  .

كما واجه الرب يسوع المسيح  الكتبة و الفريسيين بهذا الحق / كما جاء فى يو (46:8) ” مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ فَإِنْ كُنْتُ أَقُولُ الْحَقَّ، فَلِمَاذَا لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي؟”.                                                                                                                                         

فليعطينا الروح نعمة و نور .. فكلام الكتاب و الوحى المقدس لا يتغير إنما الذى يتغير للتجديد هو ما يعطيه الروح القدس من أجل نمونا و نضجنا .  بل نضوج لكل البشرية بوجه عام و هو ما يجعلها أمام مطالب أكثر ستحاسب عليها  إن استهانت بهذا الفيض من النعمة.

Share this Entry

رأفت طانيوس

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير