١- تجلّي الشخص
الجسد هو كيان الشخص تجليه للعالم
إنها الحقيقة المرئية للآمنظور، الله المحتجب يصبح متجليا في الشخص، وهذا الإحتجاب المتجلّي يُظهر حقيقة وهوية الشخص، من خلال أفعاله ومواقفه وجوده الحيّ والدائم في التاريخ…لقد وهب الرب يسوع شخصه- جسده لتلاميذه، من خلال تحويل الخبز الفاني الى جسد حيّ ممجّد. ففي الإفخارستيا نكتشف حقيقة يسوع وحقيقة تاريخنا، يسوع الرب، فعل بذل وعطاء لا محدود – الحيّ الحاضر، إنه ليس بذكرى تاريخية ولىّ عليها الزمن ومضى، الرب يسوع، هو الحاضر الأبدي في زمنيتنا بواسطة الإفخارستيا والكهنوت والأسرار، بنعمة الكهنوت الخدمي، يحوّل العناصر المحسوسة (الخبز والخمر ) الى حقائق تفوق الإدراك، أي جسده ودمه، فيفهمنا أنه في هذا البعد اللاهوتي لحضوره السرّي وسط الكنيسة، تتجلى قدرته التي تغير وتجدد (النقلة النوعية) بفضل حضور شخصه- كيانه الإلهي فيها.
٢- انقلاب في الذات
القضية هي هنا بالتحديد، الإنقلاب التحوّلي، الذي يطال كافة الموازين وطرائق الفهم والعلاقات ونوعية الحضور والتفاعلي والمتفاعل في واقع الوجود الذي يطال العمل والأخلاق والمواقف. من هنا نفهم رسالة نبوية المسيحيين في العالم والشعوب والثقافات والقيم، إنه ما يسمى نفاذ سر الفداء الى عمق الوجود الواقعي للإنسان.
كيان الشخص – الإبن، يهب بكلّيته الى التلاميذ من خلال الإفخارستيا، وهذا الوهب- العطاء، نراه يتم بشكل هادىء وسريّ وسلامي ومتواضع ” في الخبز والخمر” في شركة محبة ولقاء وحوار، إنه الحدث الحقيقي الخلاصيّ لتدخل الله السرّي في التاريخ البشرّي برمّته، وفي هذا التحول، نفهم كيفية عمل الله الحيّ في تاريخ كل واحد منا لا بل في تاريخ الشعوب.
فمن الخارج نرى الظاهر “الخبز”، أما الكيان فكله حاضر مشتعل بصمت وسكون الحب الحي. إن منطق الحضور الأبدي الذي يسعى الى تقديس الإنسان، يتناقض مع كل محاولة ثوري وانقلابية أو تمرّدية، يسعى يظن الإنسان إنها وسائل تغيير!!
ففي بذل الذات الإفخارستي، نرى يسوع يعطي ذاته عطية كاملة لتصبح في متناولنا، قطعة صغيرة من الخبز- قربانة تتحوّل بذات الفعل الى جسده القائم من الموت. فمن مدرسة القربان نتعلّم ندرك ونعي ونتأمل ونفهم، عمل الله السرّي في كل واحد منا لا بل في تاريخ الشعوب.
خلاصة روحية
بقدر ما نرى الشر يعمل في العالم، بالقدر عينه، نرى روح الرب يحوّل العالم بالخفاء إءا ينفذ الى عمق الكيان البشريّ، من خلال علامات حسيّة أولها، ارتداد القلوب الى المسيح، إنه الإنقلاب الجذري في حقيقة الشخص، المستقبل لعطية الله الآب، الإبن يسوع المسيح ، الحاضر دوما وأبدا في الإفخارستيا حياة الكنيسة قلبها النابض، هبة مجانية لكل إنسان المدعو الى اختبار فعالية التحوّل والتغيير والتجديد والإصلاح، في واقع حياته وكنيسته ومجتمعه ووطنه.
يتبع…