في عيد القديسة هيلانة و إبنها قسطنطين نتوقف لنذكر أهمية الحج المسيحي الذي هو عبارة عن مسيرة يقوم بها المؤمن الى مكان مقدس لهدف مقدس.
فالقديسة هيلانة، كانت رائدة في هذا المجال في التاريخ المسيحي الأول.و ما أن شرّع إبنها، الإمبراطور الروماني قسطنطين، المسيحية رافعاً عنها موجات الإضطهادات الأولى حتى توجهت القديسة الى الأراضي المقدسة في بيت لحم و القدس وأشادت هناك أقدم الكنائس و أعرقها : نحن نتكلم عن كنيستي المهد و القيامة.
لقد أدركت الأم كما الإبن أهمية تلك الأراضي التي شهدت خطوات المسيح ، و الصلاة في نفس الموقع الذي وقف فيه الله ذات مرة و صلى مما يبعث في النفس اتصال روحياً جد حميم ... و هكذا كان : 
إنطلاقاً من ذلك إعتاد المسيحيون عبر الزمن على المضي قدما في الحج إلى الأراضي المقدسة أو صوب الأضرحة أو الأماكن المرتبطة بحياة يسوع او بالقديسين أو إلى الأماكن التي ورد ذكرها في الكتاب المقدس.

وحركة الحج هذه لم تكن يوماً غريبة عن الشعوب القديمة و نحن نعلم أن اليهود كانوا يحجّون صوب هيكل الرب ، إلا أن الحج إكتسب مع الحجاج المسيحيين منذ عهد قسطنطين و هيلانة معانٍ جديدة.
و أخذ الحجاج بالتوقف عند المدافن التي تحتفظ بذخائر الشهداء الأولين، و منها ضريح القديس بطرس في روما حيث أقام قسطنطين، بدءًا من العام 320، أول بازيليكا على ضريح الرسول.... 
غير أنه و بسبب التقدم الزمني من ناحية والثورة الثقافية في عصر النهضة عمد البابوات منذ يوليوس الثاني إلى ترميم ومن ثم بناء الكاتدرائية بشكلها الحالي.
على أية حال فإن الحجاج يتوقفون في هذه الربوع متأملين بمخاض الكنيسة الأولى التي تأسست على دماء أبطال الإيمان ... من أحبّوا المسيح حتّى الموت، فاثمرت دمائهم بشرى خلاص.

و خلاصة القول يبقى في أن الحج يمثل مسيرتنا كمؤمنين في هذه الأرض: يذكرنا أننا في رحلة تتجه صوب صاحب كل المعاني: الله الرب!! وفي تعب المسير ومشقاته نوع من اللاهوت الذي يطال بعمق حياة و قلب الحجاج. وفي الحج أيضاً حركة مسكونية تقرّب المؤمنين بعضهم من بعض كما تقرّبهم من قلب الكنيسة الأم.ليبقى أسمى المعاني في طيّات رحلات الحجاج الخارجية الى الأماكن المقدسة :
تلك الدعوة الى عيش القداسة رحلة حج داخلية!!