الروح هو حياتنا ، وبقدر ما ننكر ذواتنا ، نسلك أيضا بحسب الروح

كيف يعمل الروح القدس في حياة المؤمن والكنيسة ؟ )3(

Share this Entry

متى حدثت بالضبط هجمة الروح القدس في حياة التلاميذ ؟  الجواب بكلّ صراحة قد يكون سهلا : وهو أنه حدث يوم العنصرة عندما حلّ على الرسل في العليّة (أع 2 : 1 – 42 ) . لكن هذا الجواب سهلٌ جدّا . إذ يبيّن أننا لم نفهم قصد لوقا من كتابته للنصّ . يقول الأسقف الدكتور يوسف توما مرقس في دراسته عن (لاهوت الله ) : لم يقصد لوقا أن يسطّر لنا حدثا واحدًا صار للجماعة الآولى ، ولكنه ليبرز حقيقة لاهوتيّة متكرّرة أصبحت في مجالات الخبرة المسيحيّة . فليس هناك عَنصرةٌ واحدة ، ولكن ” عنصرات ” عديدة ، حتى لوقا بنفسه يسرد بعضا منها (أعمال 4 : 31  خلال الصلاة الجماعيّة و 8 : 15 – 17 على السامريّين و 10 : 44 – 48 على الوثنيّين و 19 : 6 في أفسس ) . ناهيك عن الحالات الأخرى التي كان فيها الروح يرافق الرسل (أعمال 4 : 8 و 6 : 3 -10 و 7 : 55 و 8 :29 ، و 11 : 28 و 13 : 4 ….)  .

إن الروح القدس يتدخّل في حياة الجماعة الآولى بكلّ حريّة وبصورة غير متوقّعة . صحيحٌ أنّ أعمال الرسل تربطُ بين وضع الأيدي وبين حلول الروح القدس ، ولكنّها تشهد أيضا أنّ الروح القدس يستغني أحيانا عن وضع الأيدي ، فيهب حيث يشاء بعفويّة ممسكا زمام المبادرة . وأكبر مثال على ذلك ، ما حدث للضابط الرومانيّ كورنيليوس الذي دعا بطرس في بيته ليعمّده .. الروح القدس ، رويدًا رويدًا ، يسير معنا كالأطفال ويعلّمنا ويرشدنا ولا يأتينا دفعة واحدة . إنه مرشدنا ومربّينا تدريجيّا ومن دون أيّ عنف وغصب . إنه عمل الله في حياتنا ، ما دُمنا منفتحين على منطقه ، ومتآلفين معه من خلال ما عمله في تاريخ الخلاص ، ومؤمنين به ، فإنه يعطينا ” كلّ ما لم تره عينٌ وما لم تسمع به إذن … ” .

يقول كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة (736) : بقدرة الروح هذه ، يستطيعُ أولاد الله أن يحملوا ثمرًا . إنّ الذي طعّمنا على الكرمة الحقيقيّة ، يعطينا أن نحمل ” ثمر الروح ، وهو المحبّة والفرح والسلام ، وطول الأناة واللطف والصلاح والأمانة ؛ والوداعة والعفاف ” (غل 5 : 22 – 23 ) . الروح هو حياتنا ، وبقدر ما ننكر ذواتنا ، نسلك أيضا بحسب الروح . إنكارُ الذات ، ليس معناه أن نهملَ كلّ شيء في حياتنا ، بل أن تكون المبادرة والأولويّة هو لعمل روح الله فينا كي يرينا الطريق وينير دربنا لرؤية المستقبل المنشود (مستقبل الإنسانيّة والعالم ) ، الذي ، من دون نعمة روح الله ، يؤول إلى الفوضى العارمة وعدم النظام والغموض والعبثيّة .

يتبع – الروح القدس في حياة الكنيسة 

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير