إنّ لقب “سيدة الأوجاع” الذي يُطلَق على مريم العذراء يركّز على عذابها الكبير والآلام التي شعرت بها على طريق الجلجلة وعند موت ابنها. إنما هذا العذاب لم يكن محصورًا بالآلام وحدث الموت بحسب ما نقل موقع catholicstraightanswers فإنّ سمعان الشيخ كان قد قال لها بعد أن باركها هي ويوسف: “ها إنه جُعل (أي يسوع) لسقوط كثير من الناس وقيام كثير منهم في إسرائيل، وآية معرّضة للرفض. وأنتِ سينفذ سيف في نفسك، لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة” (لو 2: 34 – 35).
وإذا ما نظرنا الى حياة مريم نجد أنه بالإضافة الى نبوءة سمعان، هربت العائلة المقدسة الى مصر وفقدت يسوع قبل أن تجده في الهيكل بين العلماء. ثم شعرت مريم بالغمّ عند لقاء يسوع على طريق الجلجلة حاملاً الصليب فتابعت لتقف عند أقدام الصليب عندما صُلب يسوع وتابع سيف الوجع ليلمّ في قلبها عندما حملت ابنها المائت في حضنها وأخيرًا لما خارت قواها عند دفن يسوع تحت وطأة الألم الشديد.
لهذا السبب وصفت مريم الى أنّه سينفذ في نفسها سيوف إنما الأهم من كل ذلك أنها كانت تتلقى هذه السيوف بشجاعة ومحبة وثقة فهي من قالت عندما بشّرها الملاك بالحبل الإلهي “أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك”. لقد انتشر عيد سيدة الأوجاع في القرن الثاني عشر ليطال كل الشعوب في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. إنّ وجع مريم العذراء يتخطّى وجع أي شخص آخر بما أنها كانت أم يسوع الذي لم يكن ابنًا لها فحسب بل مخلّصًا وربًا فتألّمت بحق مع ولدها. في العام 1727، عيّن البابا بندكتس الثالث عشر عيد سيدة الرحمة بحسب التقويم الروماني يوم الجمعة قبل أحد الشعانين إلاّ أنه تمّ إزالته بعد مراجعة الروزنامة التي نشرت في كتاب القداس بحسب الطقس الروماني في العام 1969.
تصوّر أيقونة السيدة العذراء سيدة الأوجاع واقفة بإيمان عند أقدام الصليب مع ابنها المائت بحسب ما ذكر إنجيل القديس يوحنا: “فرأى يسوع أمه والى جانبها التلميذ الحبيب إليه. فقال لأمه: “أيتها المرأة، هذا ابنك” ثم قال للتلميذ: “هذه أمك” (يو 19: 26 – 27). وقد ورد في المجمع الفاتيكاني الثاني في دستوره العقائدي: “وهكذا سلكت العذراء الطوباوية سبيل الإيمان محافظة على الاتحاد مع ابنها حتى الصليب حيث وقفت منتصبة لا لغير تدبير إلهي، متألمة مع ابنها الوحيد آلامًا مبرّحة، مشتركة في ذبيحته بقلب والدي، مولية ذبح الضحية المولود من دمها رضى حبها، لكي يعطيها يسوع أخيرًا، وهو يموت على الصليب، أمًا لتلميذه، بقوله لها: “يا امرأة، هوذا ابنك” (يو 19: 26 – 27) (رقم 58).
وبينما نكرّم مريم في هذا الشهر المريمي على وجه الخصوص بكونها التلميذ الأمين وقدوة في الإيمان، ندعونا الكنيسة نحن أيضًا لأن نتّخذها مثالاً ونوحّد آلامنا بربنا مواجهينها بشجاعة ومحبة وثقة.