منذ زمن يسعى كل مسيحي الى معرفة تفاصيل وجه ابن الإنسان بدافع الحصول على إثبات، إن صح القول، حول وجوده التاريخي على هذه الأرض، هم يسعون لمعرفة شكل وجه هذا الشخص الذي قلب تاريخ البشرية وغيّر كل من التقى به. هذا ما يتحدث عنه الأب المصري الذي نص كتابًا عن الموضوع وهو أمين عام في السفارة البابوية وذلك بعد أن حصل على صلاة موقعة من البابا فرنسيس ستنشر على غلاف الكتاب الذي يصدره حول استلهام درب الصليب من وجه كفن تورينو. يخبر الكاهن عن المشاعر التي خالجته حين عاد عمه وهو كاهن أيضًا من روما حاملا اليه هدايا تذكارية من كفن تورينو.
من هنا بدأ اهتمامه ينشأ بكفن تورينو وبكل خفاياه وبعد أن تمعن كثيرًا في قراءة إنجيل القديس مرقس وتعمق به (إذ ان القديس مرقس بشر في مصر) كتب درب الصليب على ضوء كفن تورينو وصلى متأملا بآلام المسيح وموته وقيامته. حين أصبح كاهنًا وجد حاجة ملحة لجعل الناس يشاركون بتأمل يستجيب لحاجيات هذا العصر وللتبشير الذي يتم اليوم، ومن هنا فكر بأن هذه الطريقة ستكون فعالة للكثير من الكاثوليك في بلده ولآخرين يعيشون في الخارج فقام بتصوير فيلم قصير حول الكفن مشددًا على الوجه الملائكي الذي أسر الكثيرين من الناس على مدار الأزمنة ولطالما كان درب الصليب الذي وضعه سندًا له في فترة الصوم.
أما اليوم فيعتبر وجه المسيح المطبوع على الكفن كتذكير للمؤمنين يشابه ما يطلبه البابا منا جميعًا: أن نخرج الى الضواحي ونعطي اهتمامنا للمحتاجين متأملين بهذا القماش الذي حضن الإله الذي بدوره حضن العالم كله بآلامه. يضيف الكاهن أن ما ساعده في قرار نشر كتابه كان قرار عرض الكفن المقدس وهو متأكد تقريبًا أن الموضوع سيساعد المؤمنين على الصلاة والتأمل كما سيساعد كل الذين يبحثون عن الله.
يبقى يسوع المسيح اليوم وكما ردد الكثير من الخبراء السر العظيم للتاريخ البشري لأنه كان ابن امرأة بسيطة ومتواضعة وولد في مكان مظلم وعاش في منطقة منسية كنجار حتى عمر ال30 وفي السنوات الثلاث الباقية جال البلاد مبشرًا. لم يترك يسوع أي كتابات له عنه كما لم يتلق أي تعليم ولكنه كان يناقش الحكماء والعلماء منذ عمر ال12 سنة. واجه يسوع مصيره بمفرده وقد خانه أقرب المقربين حتى أن تلميذه أنكره فصلب بين اللصوص ولم يفعل الجنود أي شيء سوى أنهم اقترعوا على لباسه!
بعد 3 أيام من وضعه في القبر وجد القبر خاليًا ولم يتواجد فيه سوى الكفن ويمكننا، بنظر الأب، أن نعتبره كصورة تذكارية عن يسوع. 20 قرنًا مروا على البشرية ولا يزال يسوع المسيح نواتها ويسجل التاريخ ويذكر كقبله وبعده. لم يستطع أحد أن يغير مجرى تاريخ الإنسانية كما غيره يسوع واليوم من خلال الكفن يذكرنا بجراحاته، فمن خلال قلبه المجروح يعلمنا عظمة المحبة ومن خلال جراحاته نتذكر أن نتقاسم معاناة جميع الذين يعانون اليوم من جراحات في الجسد والروح.
***
نقلته الى العربية (بتصرف) نانسي لحود- وكالة زينيت العالمية