مواهب الروح القدس السبع: موهبة القوة

موهبـــــة القوّة .. الروح القدس استولى على الرسل فجعل منهم أسودًا ، وأعطاهم القيادة (قيادة الكنيسة)

Share this Entry

هناك مثل يسرده يسوع يساعدنا على فهم أهمية هذه الموهبة . زارع يخرج ليزرع ولكن ما كلّ البذر الذي يرميه في التربة يأتي بثمر. فالبذار الذي يقع على الطريق تأتي الطيور وتأكله ؛ ذاك الذي يقع في الأرض الحجِرة أو بين الأشواك تحرقه الشمس أو تخنقه الأشواك. فقط الزرع الذي يقع في الأرض الطيبة ينمي ويأتي بثمر (راجع مر 4، 3 – 9؛ مت 13، 3 – 9؛ لو 8، 4 – 8).

وكما يشرح يسوع لتلاميذه ، هذا الزارع يمثل الآب ، الذي يوزع بخصب وسخاء بذار كلمته . ولكن الزرع يصطدم غالبًا بجفاف قلبنا ، وحتى عندما يتم قبوله يتعرض لخطر أن يبقى عاقرًا . أما مع موهبة القوة ، فالروح القدس يحرر تربة قلبنا ، يحررها من الفتور ، من التردد ، من كل المخاوف التي قد تجعلنا نتردد ، حتى يتم وضع كلمة الرب قيد التنفيذ ، بشكل أصيل وفرِح . روح القوة هذا هو عون حقيقي ، يعطينا القوة ويحرّرنا من الكثير من العوائق . هناك ايضًا أوقات صعبة وحالات قاسية تتجلّى فيها موهبة القوة بشكل فائق ونموذجي . إنها حالات الأشخاص الذين يعيشون خبرات صعبة ومؤلمة بشكل خاص ، فتتبدل حياتهم وحياة أحبائهم .( من تعليم البابا فرنسيس حول مواهب الروح القدس)

يقول الأب غردي الدومنيكيّ : ”  كان لسيّدنا يسوع المسيح القوّة في ينبوعها ومصدرها . ولكن بوسعنا أن نقتديَ به على حسب درجتنا . كان يحبّ أن يمدح القوّة ، فيقول : ” إذا كان الرجل القويّ المسلّح يسهر على بيته فأمتعته تكون في آمان ” . تلك صورة البار الذي له فضيلة القوّة . هو يحفظ بيته ، هو قويّ ، فكلّ ما يملكه في أمان وسلام ؛ وليس ثمّة تجربة أو عراقيل وأشراك تتغلّب على الرجل المسلّح سلاحا كافيــــًا .  القوّة ضروريّة ، لكن متى ما كانت في خدمة السلام والحقّ والخير العامّ للبشريّة . فإن فقدت سيطرتها وإنحرفت عن الإتجاه الذي من الضروريّ أن يكون ” إتجاه بوصلة الله ” ، فإنها ستؤدّي إلى ما لا تحمد عقباه . وبدلا من أن تكون موهبة وفضيلة سامية ، تصبح دمار الإنسان والمجتمع .

يجب علينا ، إن أردنا إبقاءَ مسار الموهبة عاليًا  ، أن نرفع أشواقنا إلى الأجواء العالية التي رتّبتها لنا العناية الإلهيّة (وليس القدَر ! ) . إنّ للنفس المسيحيّة الأبلغ وضاعة غاية سامية : عليها أن تصير مختارة ً وقدّيسة ًمن قدّيسي السماء . ذلك هو الهدف الذي أراده لها الله ، بحسب قول القديس بولس  ” اختارنا الله قبل إنشاء العالم لنكون قديسين وبغير عيب أمامه بالمحبّة ” ( أف 1 : 4 ) .

موهبة القوّة تأتي دائمـــًا لنجدة فضيلة القوّة (الشجاعة) التي هي من الفضائل الأدبيّة في تعليم الكنيسة الأخلاقيّ . فالروح القدس ومواهبه ، هو الذي يُنعِم على كلّ مؤمن أن ينمّي فيه قابليّة إكتشاف الفضائل فيه وعيشها ، والإنضواء تحت نعمة الربّ . موهبة القوّة ، تأتي إلى الإنسان وتعطيه الشجاعة والجرأة على مواجهة مصاعب الحياة وإضطهاداتها ، وتعطينا قوّة التبشير بالإنجيل .  الروح القدس استولى على الرسل فجعل منهم أسودًا ، وأعطاهم القيادة (قيادة الكنيسة) .

ومن ميزات موهبة القوّة : 

1 – الفاعليّة ،  إن تلك القدرة الإلهيّة التي أنهضت يسوع المسيح من بين الأموات ، هي نفسها بتصرّف الروح القدس ، لينهضنا بها من بين الأموات . لا سبيل أن يكون المرءُ في حالة ٍ أدنى من الموت ، فالجثّة لا تتحرّك ولا قدرة لها .

2 – الثقة بالغلبة ، متى طلبت النفوس قوّة الله وحلّت فيها تلك القوّة ، تنشأ فيها ثقة مطلقة تسود كل حالة وكل صعوبة . تنشأ فيها الثقة بالنجاة من كلّ خطر ، وبإتمام كلّ عمل يُفرَض عليها كواجب له علاقة بدعوتها وخلاصها .

3 -النشاط الظافر ، متى صرنا على هذا النحو تحت إمرة الروح القدس يصير نشاطنا الذي نذهب به إلى الواجب وإلى العذاب نشاطـــًا غلّابا . لا بدّ إذن ، من نفحة روح القوّة ، لنبني فينا الإنسان الباطن ونحيا حياة داخليّة حقيقية ، ونبعد عنا كلّ أصوات ٍ دخيلة تريد أن تجعل الله موضوعـــًا فقط على جانب الطريق ، ونكونُ نحن أسياد حياتنا ، فنؤول إلى الموت البطيء من دون أن ندري .

 

 

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير