قال الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، أن "البابا فرنسيس سيعلن يوم الأحد المقبل، أربعة راهبات قديسات، منهنّ فلسطينيتان هما الراهبة ماري ألفونسين غطّاس، مؤسسة جمعية راهبات الوردية، من القدس، والراهبة مريم ليسوع المصلوب بواردي، من آل حداد، في الجليل، مؤسسة دير راهبات الكرمل في بيت لحم ودير آخر في الهند، إضافة إلى راهبة فرنسية وأخرى إيطالية".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي عقده، ظهر اليوم الجمعة، في دار الصحافة في الفاتيكان، بحضور الأب فيديريكو لومباردي، الناطق باسم الفاتيكان، أن "القداس الاحتفالي سيقام في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، حيث يترأسه قداسة البابا فرنسيس، بحضور جمع من الكرادلة والأساقفة في الفاتيكان والعالم، أبرزهم رئيس مجمع دعاوى القديسيين الكاردينال أنجلو أماتو، ورئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال ليوناردو ساندري، والكاردينال جواو براز دي أفيز، رئيس مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، ورئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان الكاردينال جان لويس توران". وعلى رأس الوفد الفلسطيني يحضر الرئيس محمود عباس أبو مازن مؤكداً بذلك المعنى الشامل للحدث، لجميع سكان فلسطين، مسلمين ومسيحيين".
وتابع "يشارك في القداس وفد مكوّن من 2124 مشاركاً ومشاركة من الارض المقدسة، يرأسه غبطة البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، بصفته رئيساً لمجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأرض المقدسة، إضافة إلى رئيس أساقفة عكا للروم الملكيين جورج بقعوني، ورئيس أساقفة حيفا للموارنة موسى الحاج، وأساقفة من الأردن، وفلسطين، ولبنان، والعراق، والمغرب، وتونس، ومصر، وليبيا وقبرص، وحشد كبير من كهنة ورهبان وراهبات ومؤمنين من مختلف الكنائس".
وحول مجريات القداس، قال الأب بدر "خلال القداس ستقوم الرئيسة العامة لرهبانية الوردية الأم إنييس اليعقوب بحمل ذخائر القديسة الجديدة ماري ألفونسين دانيال غطاس، يرافقها كل من الأخت براكسيد سويدان، ومن أقرباء القديسة المقدسية نوال دانيال مزيد وباتريك دانيال. فيما ستقوم بحمل ذخائر القديسة بواردي كل من الراهبات آنا دبلماس وفريال قراعة (من بيت لحم) وجوسلين فيرو من راهبات الكرمل، والسيد رزق بواردي، من أقرباء القديسة الجليلية. كما سيشارك في تقادم القداس إميل منير الياس، الذي نال الشفاء بشفاعة القديسة ألفونسين، إضافة إلى والدته، فيما ستقوم بحمل التقادم أيضًا العائلة الإيطالية التي نال طفلها الشفاء بشفاعتها. كما ستقوم الراهبة مريم البعبيش، من رهبنة الوردية، بتلاوة طلبة باللغة العربية مصلية من أجل السلام والعدالة".
وأكد الأب بدر ما قاله البطريرك فؤاد الطوال غداة انتقاله إلى الفاتيكان قائلاً إن "إعلان قداسة قديستين من فلسطين هو حدث روحي في غاية الأهمية بالنسبة إلى سكان الأرض المقدسة، وفي خضم الصعوبات التي نمر بها، فالقديستان الجديدتان تشكلان نوراً لدربنا. وإذا ظهر في بعض الأوقات أن الأرض المقدسة، التي يمزقها العنف والانشقاق، تبدو وقد تشوهت صورتها، فإن قديستينا تأتيان لإعادة قدسيتها. فالقداسة ممكنة حتى في الظروف الصعبه للغاية".
وتابع "أن إعلان تقديس امرأتين من نساء الشرق في هذه الظروف القاهرة هي دعوة من قداسة البابا فرنسيس للصلاة، التي لوحدها يمكن أن تساعد منطقتنا للنهوض من هذه المحنة بشكل عجائبي"، وأضاف "لدينا الآن قديستان جديدتان تمثلان نموذجاً للكمال للمسيحيين، وكذلك للمسلمين واليهود على حد سواء، فكلتاهما تُدعيان مريم، وهذا الاسم منتشر ومشترك بين التقاليد الثلاثة وهو علامة لعصرنا الحديث، تشير إلى أنه يمكنهما الحديث مع الديانات الثلاث بدون تمييز".
وأضاف "إنّ الأرض المقدسة، وقد علمت بهذا الخبر المفرح منذ شباط الماضي، لترفع الشكر لله تعالى على نعمة القداسة، وهي ليست بجديدة، على الأرض التي قدسها الرب وفدى الانسان فيها، وكذلك فإنّ الكنائس في الأرض المقدسة، تقدم الشكر الجزيل إلى قداسة البابا فرنسيس، الذي يذكر دائماً بأن الشرق الأوسط بدون مسيحيين، ليس الشرق الأوسط. وإننا لننظر إلى هذا الحدث الكبير، والذي يجري للمرة الأولى، منذ عهد الرسل، بأنه رسالة تعزية وتشجيع إلى المسيحيين في الشرق الأوسط، وبالأخص إلى المسيحيين وأبناء الأبرشية في فلسطين والأردن، وإلى المهجرّين والمبعدين عنوة عن أوطانهم، وإلى جميع من يعانون الاضطهاد بالعصر الحديث، والذين "يظن من يقتلهم أحياناً بأنه يقدم قرباناً لله"، كما سبق وأنبأ السيد المسيح".
وقال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن خلال المؤتمر الصحفي "إن القديسة الجديدة مريم ليسوع المصلوب، قد تعرضت هي بدورها إلى أعمال التطرف ومحاولة القتل، لتغيير ديانتها، وهي اليوم تتشفع للإنسان الذي يُقتَل بسبب دينه وانتمائه الديني، وهي توجه دعوة صارخة إلى احترام الاختلاف الديني والعرقي واعتبار الإنسان إنساناً مخلوقاً على صورة الله ومثاله".
أما القديسة الجديدة ماري الفونسين، فتابع الأب بدر فإنها "استطاعت بدعم من السلطات الدينية آنذاك تأسيس أول رهبنة عربية محلية، لها حضور كبير في العالم العربي، وبالأخص في مجالات تعليم الديانة والتربية والتعليم، ولها في الأردن وف لسطين ولبنان ودول الخليج وروما حضور بارز ومؤثر في المدارس الوردية التابعة للرهبنة العربية. وعندما نتحدث عن الرهبنة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين، نرى أنها أسهمت في اعطاء المرأة العربية دوراً بارزاً في التثقيف والتوعية والتوجيه وتعليم الأجيال. ومن يدرس تاريخ فلسطين والأردن في بداية القرن العشرين، يعرف أن الكنائس بشكل عام والراهبات، وراهبات الوردية بصورة خاصة في الأردن، أسهمت بصورة فعالة في تطوير المرأة وفرض مكانتها في المجتمع العربي الحديث. فقد أسهمت في تثبيت الإيمان وحياة الروح في بلداننا، وما زالت، بالرغم من الصعاب التي تواجهنا في هذه الأيام. نحاط بالحرب والموت، ويحيطنا الله بالقداسة ونورها وشفاعتها والرجاء الذي تحمله إلى جميعنا".
وختم الأب رفعت بدر تصريحاته بالقول "إن الراهبتين القديستين، والتي يعلن البابا فرنسيس قداستهما في غمرة احتفالات الكنيسة بسنة التكريس، وفي الشهر المريمي المبارك، تدعواننا إلى الصلاة، لكي يليّن الرب النفوس والعقول والقلوب، ويعود الإنسان إلى عبادة الله تعالى، المعبود الأول والمشكور الأول في الحياة، وإننا لنرى في إعلان قداسة مؤسسة راهبات الوردية دعوة إلى تكثيف صلاة المسبحة الوردية اليومية، في الكنائس والعائلات، والجماعات الرعوية، لتكون داعماً لجلب السلام والمحبة والاحترام المتبادل، بين جميع سكان الشرق الأوسط".