أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نتوقّف اليوم للتأمّل حول ميزة جوهريّة للعائلة وهي دعوتها الطبيعيّة لتربية الأبناء لكي ينموا في تحمُّل المسؤوليّة عن أنفسهم وعن الآخرين. قد تبدو هذه الملاحظة أمرًا واضحًا ولكنّ الصعوبات موجودة في زمننا أيضًا. فالعائلة قد اتُهمت بالتسلُّط والتميّيز والتجانس والكبت العاطفيّ الذي يولّد النزاعات. في الواقع، لقد فُتحت فجوة بين العائلة والمجتمع، تقضي على الثقة المتبادلة؛ وهكذا دخل العهد التربويّ بين المجتمع والعائلة في أزمة، ومن جهة أخرى، تزايد عدد ما يُسمّى بالـ “خبراء” والذين أخذوا دور الوالدين حتى في جوانب التربية الأكثر حميميّة. فهؤلاء الخبراء يعرفون كلّ شيء حول الحياة العاطفيّة، حول الشخصيّة والنموّ، حول الحقوق والواجبات؛ وعلى الوالدين أن يصغوا إليهم فقط ويتعلّموا ويتأقلموا. كيف وصلنا إلى هنا؟ ممّا لا شك فيه أنّ الوالدين، أو بالأحرى بعض النماذج التربويّة من الماضي كانت محدودة. من جهة أخرى، نعلم جيدًا أنّ الحياة باتت تبخل علينا بالوقت اللازم للكلام والتفكير والحوار. العديد من الوالدين هم “رهائن” العمل وانشغالات أخرى، بيد أنّ المشكلة لا تتعلّق فقط بالكلام. بل إنّ التحاور السطحيّ لا يؤدي إلى تلاقٍ حقيقيّ للعقل والقلب. فلنسأل أنفسنا بالحريّ: هل نسعى إلى فهم أين يوجد فعلاً الأبناء في مسيرتهم؟ وقبل كل شيء: هل نريد أن نعرف؟ أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، كم لدينا من أمثلة رائعة عن والدين مسيحيّين مفعمين بالحكمة البشريّة! وهذا الإشعاع قادر على صنع معجزات حقيقيّة.
Help us mantain ZENIT
إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير