بمناسبة إعلان تطويب المطران أوسكار روميرو في السلفادور في الثالث والعشرين من أيار أجرت إذاعة الفاتيكان مقابلة مع الكاردينال أنجلو أماتو عميد مجمع دعاوى القديسين تحدث فيها عن الرسالة التي يحملها لنا استشهاده وعن التحول الذي أحدثه في مجتمعه.
قال الكاردينال أماتو يلخص قداسة البابا فرنسيس جيدًا الهوية الكهنوتية والراعوية لروميرو عندما يدعوه “أسقف وشهيد، راع بحسب قلب يسوع المسيح، مبشر وأب الفقراء، شاهد بطولي لملكوت الله، ملكوت العدالة والأخوّة والسلام”. في الواقع لقد كان روميرو كاهنًا صالحًا وأسقفًا حكيمًا ولكنه كان، بشكل خاص، رجلاً فاضلاً. لقد أحب يسوع وكان يعبده في الافخارستيا؛ أحب الكنيسة وكرّم الطوباوية مريم العذراء وأحب شعبه. وشهادته لم تكن ارتجالاً بل جاءت بعد تحضير طويل، فقد كتب في مذكراته قبل سيامته الكهنوتية عندما كان إكليريكيًّا في روما: “هذه السنة سأقدم تقدمتي الكبيرة لله! ساعدني يا إلهي واجعلني مستعدًا. أنت الكل بالكل وأنا نكرة ولكن على الرغم من هذا فمحبتك تريدني أن أكون أكثر! تشجّع – تقول لي – فمعًا سنحقق هذا “الأكثر”.
تابع عميد مجمع دعاوى القديسين يقول لقد شكل مقتل الأب روتيليو غراندي اليسوعي – الذي ترك التعليم الجامعي ليكون كاهن رعيّة مع الفلاحين المظلومين والمهمّشين – في الثاني عشر من آذار مارس عام ١٩٧٧ نقطة تحول في حياة الأب أوسكار كخادم رعية متواضع وخجول. لقد لمس هذا الحدث قلب الأسقف روميرو الذي بكى صديقه كما تبكي الأم ابنها، فتوجّه على الفور إلى أغيلاريس ليقدم الذبيحة الإلهية عن راحة نفسه وأقام الليل بكامله بالصلاة من أجل الضحايا الثلاث الأبرياء: الأب روتيلو مع فلاحين اثنين كانا يرافقانه، وإذ بقي الفلاحون أيتامًا بدون أبيهم الصالح قرر روميرو أن يأخذ مكانه. وفي عظته في الذبيحة الإلهيّة قال الأسقف روميرو: “إن التحرر الذي كان يُبشرّ به الأب روتيلو هو مُلهَم من الإيمان، إيمان يحدثنا عن الحياة الأبديّة، إيمان يُظهر الآن – إذ يرفع وجه نحو السماء – كمال التحرر الذي يجد تحقيقه في السعادة بالله، التحرر الذي ينبع من التوبة عن الخطايا، التحرر الذي يُبنى على المسيح القوة المخلّصة الوحيدة”.
تابع الكاردينال أنجلو أماتو يقول منذ ذلك اليوم تغيّر أسلوب الأب روميرو في الكلام وأصبح أوضح في الدفاع عن الشعب المظلوم والكهنة المُضطهدين غير عابئ بالتهديدات التي كان يتلقّاها يوميًّا. ويكتب الأسقف روميرو بهذا الصدد “لقد اعتبرت أنه من واجبي أن أدافع عن كنيستي إلى جانب شعبي المظلوم والمُعذَّب”، فكلماته لم تكن تحفيزًا على الكراهية أو الانتقام وإنما تشجيع يتصاعد من قلب أب إلى أبنائه المنقسمين ويدعوهم إلى المحبة والمغفرة والوفاق، وكان يردد على الدوام: “ينبغي على حياة السماء أن تبدأ هنا على الأرض!”
وختم عميد مجمع دعاوى القديسين الكاردينال أنجلو أماتو حديثه لإذاعتنا بالقول إن خيار الأسقف روميرو للفقراء لم يكن خيارًا إيديولوجيًّا بل إنجيليًّا، وكانت محبّته تمتدُّ أيضًا لتطال المُضطهِدين الذين كان يدعوهم للارتداد إلى الخير ويؤكّد لهم المغفرة، فقد عُرف برحمته تجاه الأشخاص وبسخائه في العطاء. إن الأسقف أوسكار روميرو هو مثال آخر للقداسة في أميركا اللاتينية، وهو نجم آخر يضيء ويسطع في كنيسة القارة الأمريكيّة أرض المحبة والأمانة لبشرى الإنجيل السارة.