تكثُر الإعتراضات من هنا وهناك حول قضيّة العنف في الكتاب المقدّس . ويرشقوننا برشّاش الكلمات الجارحة ، بأنّ الله عنيفٌ ويحبّ القتل والدماء ، وحجّتهم النصوص الكتابيّة طبعـــًا . نتساءل الآن ، قبل البدء بدراسة هذه السلسلة حول ” العنف في الكتاب المقدّس ” : هل من الجيّد والمنطقيّ ، أن نعترضَ على نصّ كتابيّ قبل البحث عن التفسير الصحيح للنصّ من قبل المختصّين في دراسة الكتاب المقدّس ، إن كانوا من آباء الكنيسة ، أو العلماء واللاهوتيين ؟! من المؤكّد ، أنّ هذا الأمر بعيد ليس فقط عن المنطق والعقلانيّة ، بل أيضا بعيدٌ عن أيّ إحترام ٍ للحوار السليم .
هذه السلسلة المتواضعة ، مقتبسةٌ من كتاب صدر بالفرنسيّة (La Violence dans la Bible ) ” العنف في الكتاب المقدّس لــ بول بوشان و دني فاس .
يحتلّ العنف مكانة مرموقة في الكتاب المقدّس (هذا مدخلٌ لسؤال المعترض ) ، فلا نستحي أبدًا من القضيّة ، ونقول : نعم ، هناك عنفٌ في الكتاب المقدّس ، لأنه ليس كتاب خيال وقصص أطفال ، بل إنه كتاب تاريخ وأحداث وصراعات . سنتطرّق إلى أربع مواضيع ، جاء فيها الكتاب المذكور أعلاه ، أوّلا : التاريخ البدئيّ “بذور العنف” ، ثانيًا : العنف في القلب ” بنية العنف ” ، ثالثا : إهتداءات العنف ” حروب إسرائيل وتحوّلاتها ” ، ورابعًا : العهد الجديد .
إنّ تاريخ شعب اسرائيل عبارة عن مسيرة تعليميّة . وعبر مراحل ، يُخرج الله شعبه من العنف باسمه ، حتّى اليوم الذي سيقول فيه يسوع “طوبى للودعاء“.
يعودُ تاريخ كتابة الكتاب المقدّس إلى القرون الأخيرة قبل مجيء يسوع المسيح ، ولكنّ الشهادة عنه تمتدّ لألفي عام . ولذلك ، عندما نتكلّم عن الكتاب المقدس ، لابدّ أن نعرف في أيّ حقبةٍ من الوحي علينا وضعه . ففي بداية الكتاب المقدس ، تتكلمُ الفصول الأولى من سفر التكوين عن خلق وأصول الإنسانية ، وهذا يعني أنّ العنف لا يأتي من الله .
يتبع