استهل الأب الأقدس عظته اليوم من ملعب كوسوفو متوجهًا الى المؤمنين بالقول أن كلمة “السلام” تتردد كثيرًا في النص الذي سمعناه من الكتاب المقدس وإنها لكلمة نبوية قوية. فالسلام هو حلم الله ومشروعه للبشرية، والتاريخ وللخليقة كلها. وغالبًا ما تلقى هذه الخطة معارضة من الناس ومن الشرير واليوم في عصرنا هذا تصطدم نية السلام والإلتزام بتحقيقه بحقيقة الصراعات المسلحة التي تغزو العالم. يعم جو الحرب أينما كان، يقول البابا، والبعض يغذيه لأن الصراعات بين الناس تناسبه أو لأنه يستفيد من بيع الأسلحة، ولكن الحرب تعني التشرد، تشرد الأطفال والكبار في مخيمات للآجئين وتدمير للمنازل وهدر أرواح سدى. هذا وأضاف أن البلاد مرت بهذا الاختبار وتسبب لها بألم كبير واليوم يصدح صوت صرخة شعب الله: لا للحرب بعد اليوم!
وسط هذه الصرخة، تابع الأب الأقدس، نسمع صوت يسوع يقول لنا طوبى لفاعلي السلام وهذه الدعوة تطبق في كل الأجيال فهو لا يقول طوبى للمبشرين بالسلام لأن الجميع قادر على ذلك بل يشدد على من يفعل السلام. لإن بناء السلام عمل صعب يتطلب الصبر والخبرة والقليل من العذاب فطوبى للذين يعملون السلام في تصرفاتهم اليومية ومواقفهم الأخوية وحوارهم ورحمتهم فهم من يجب أن يدعون أبناء الله لأن الله يزرع السلام أينما كان منذ بدء الأزمنة فبعث ابنه الى العالم ليحل السلام!
تساءل الأب الأقدس كيف يبنى السلام وأجاب أن أشعيا النبي يذكرنا بأن عمل العدالة هو السلام والعدالة ليست كلامًا في الهواء بل العدالة هي ما يطبق على أرض الواقع والإنجيل يعلمنا أن تكملة العدالة هي المحبة: “أحبب قريبك حبك لنفسك.” حين نتبع هذه الوصية بنعمة الله تتغير أشياء كثيرة لأننا نحن نتغير وفالذين ننظر اليهم كأعدائنا لهم نفسه وجهنا وقلبنا ولنا الآب نفسه في السماوات، والعدالة الحقيقي هي أن نقوم للآخر بما نريد أن نقوم به لأنفسنا.
ذكر البابا بما جاء في رسالة القديس بولس الى أهل كولوسي: “فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا.” (كولوسي 3: 12-13). هذا ما هو ضروري لإحلال السلام ولكن لا يجب أن نقنع أنفسنا أننا نستطيع إحلال السلام بمفردنا فالسلام هو عطية من عند الله ليس بطريقة سحرية بل لأن الروح يضعه في قلوبنا وعقولنا، وفقط إن سمحنا لله بتعزيتنا يمكننا أن نكون صانعي سلام.
أخيرًا ختم البابا بأننا اليوم علينا أن نسأل الرب معًا من خلال شفاعة مريم العذراء نعمة أن نحظى بقلب بسيط ونعمة الصبر ونعمة المحاربة من أجل العدالة ونعمة الرحمة والعمل من أجل السلام وزرع السلام لا الحرب وهذه هي الطريق التي تجلب السلام.