Moses - Ten Comandments Bible

Robert Cheaib - https://www.flickr.com/photos/theologhia/

العنف في نصوص الكتاب المقدّس – 5

عالم الحيوان هو عالم ” الكثرة “

Share this Entry

رأينا في الجزء الرابع من موضوعنا : الحيوانات والأمم . وسنرى الآن ” عبادة الأوثان ” ،  و ” الذبيحة ” .

إنّ تداخُل الموضوع الحيوانيّ وموضوع  صورة الله يتجسّد تجسّدا شديدًا لأنّ إحدى صيغ عبادة الأوثان الأكثر شيوعًا هي عبادة صورة الحيوان : ” عجلُ الذهب ” ، فإنّ سفر تثنية الإشتراع ينوّه بهذا الموضوع بتوسّعه في الوصايا العشر  : ” لا تصنعوا لكم تمثالا منحوتـــــًا على شكل صورة ما من ذكر أو انثى ، أو شكل شيء من البهائم التي على الأرض ، أو شكل طائر ذي جناح ممّا يطير في السماء ، أو شكل شيء ممّا يدبّ على الأرض ، أو شكل شيء من السمك ممّا في الماء تحت الأرض ( تث 4 : 16 ، خر 20 : 4) . وكلّ شيء من الزحّافات والبهائم القذرة ( خر 8 : 10 ، روم 1 : 23) .

الذبيحة : هناك نقطة استراتيجيّة أخرى للأمر نفسه : ففي المكان الذي تشغله الذبيحة في العهد القديم (وفي أديان العالم) ، نجد الحيوان أيضا ، بصفته فريسة استبدال للإنسان . فإنّ الصلة بين دم الحيوان ودم الإنسان في الأجهزة الدينيّة هي صلة رئيسيّة في مسألة العنف .

بعدَ الكتاب المقدس ، نصغي الآن إلى شهود آخرين . ففي الأزمنة اللاحقة للكتاب المقدّس ، شعرَ بتلك الصلة بالحيوان شهود للإنجيل ، إن لم يكونوا مفسّرين ، فإنهم يستحقّون أن نثقَ بهم لتفهّمهم الواقعيّ للكتاب المقدّس ! منهم ” فقير أسّيزي ” الذي جذب العصافير بكلمته ، وهدى ذئبَ كوبير المفترس ، بقوله : ” آمركَ بالتخلي عن إلحاق الضرر بأشخاص خــــُلقوا على  صورة الله “، ثمّ عقد فرنسيس معه ، عبرَ رُتَب قضائيّة ،  ” ميثاق سلام ” . وهذا شأن إغناطيوس دي لويولا : ” أن أرى كلّ المركّب البشريّ بين البهائم العجم ” (الرياضات الروحيّة ، التأمل الأول) . وكذلك تريزا الأبيليّة ، فإنها ، في القصر الباطنيّ ، تُظهر النفس ، صورة الله ، مهدّدة بالتحوّل إلى صورة أخرى : ” لقد تعوّدت النفوس المريضة أن لا تكون على صلة إلاّ بالحيوانات التي تعيش حول القصر فتشبهها إلى حدّ بعيد ” .

التفسير : الصورة الإلهيّة كَرِفق ، والصنم كعـــُنف .

إنّ أمثال تلك الشهادات تجعلنا ننتبه إلى ما يمكن أن يتعلّق بهذا الموضوع في اختباراتنا الخاصّة ، وإلى مختلف الصور الواعية التي يعبّر بها فينا عن عالم العنف .

إن الحيوان هو كائن غير ناطق . لكنّ آدم ” يسمّيه ” . هذا هو الشرط والأساس لقدرته عليه . أما الإنسان ، الذي هو صورة الله ، فإنه كائن ناطق ، وهي عبارة يقلبها لاكان (Lacan) فيسمّيه متكلّم كائن ليدلّ على أنّ ما يجعله أن يكون هو التكلّم ، لا عكسه . وعلى مستوى كلمة الله الخالقة ، يتكلّم الإنسان ” بِرِفق ” . فلا بد أن يؤثّر العنف في كلمة الإنسان  ، على شكل خرس وكذب .

إنّ عالم الحيوان هو عالم ” الكثرة ” ، كلّ واحد بحسب صنفه ” – هي العبارة التي تُكرّر عشر مرّات في رواية الخلق بحسب تك 1 . إن تُركت الأصناف وشأنها ، أكلت بعضها بعضا ، وهذه صيغة العنف البدائيّة . فالإنسان هو حارس الحيوانات وراعيها ، وبذلك يُعهد إليه سلامُ العالم . وحين جاءَ الملك الذي أنبأ به أشعيا ، صار ” الذئب يسكن مع الحمل …و العجل والشبل يعلفان معا وصبيّا صغيرًا يسوقهما …. والأسد يأكل التبن كالثور … والفطيم يضع يده في حُجر الأرقم ( أش 11 : 6 – 8 ) ، علمًا بأنّ الدور الذي يقوم به الولد يلفت النظر إلى أنّ أداة السيطرة هي “ الرفق ” . يتبع

Share this Entry

عدي توما

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير