Pope Francis prays in front of the Virgin Mary statue at Caacupe church in Caacupe

ANSA

مريم امرأة الإيمان وأمّ الكنيسة حياتها هي شهادة بأن الله لا يخيّب ولا يترك شعبَه بالرغم من وجود أوقات وأوضاع يبدو لنا فيها أنه غير حاضر

البابا فرنسيس يحتفل بالقداس في المزار المريمي في كاكوبيه

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

في إطار زيارته الرسولية لباراغواي توجه البابا فرنسيس صباح السبت بالتوقيت المحلي إلى المزار المريمي في كاكوبيه حيث احتفال بالقداس بحضور حشود غفيرة من المؤمنين. وتخللت الاحتفال الديني عظة للبابا قال فيها:

 وجودي اليوم هنا هو كشعوري أنني في البيت، عند قدمي أمِّنا العذراء سيّدة العجائب في كآكوبيه. في المزار نلتقي نحن الأبناء بأمنا ونتذكّر بأننا إخوة. إنه مكان عيد ولقاء وعائلة. نأتي لنقدّم احتياجاتنا، نأتي لنشكر ونطلب السماح ونبدأ مجددًا. كم من المعموديات، كم من الدعوات الكهنوتية والرهبانيّة، كم من الخُطَّاب والأزواج وُلدوا عند قدمي العذراء أمِّنا. كم من الدموع والوداع. نأتي حاملين حياتنا على الدوام لأننا نشعر هنا أننا في بيتنا والأفضل من هذا هو أننا نعرف أن هناك أيضًا من ينتظرنا.

 

وكالعديد من المرات، جئنا لأننا نريد أن نجدّد رغبتنا في عيش فرح الإنجيل.

 

كيف لا يمكننا الاعتراف أن هذا المزار هو جزء حيّ من شعب الباراغواي، منكم. هذا ما تشعرون به وهذا ما تصلّونه وتُرنِّموه: “في جنّة كآكوبيه، شعبُكِ أيتها العذراء الطاهرة يعطيك محبّته وإيمانه”. واليوم نحن هنا كشعب الله عند قدمي أمنا لنعطيها محبتنا وإيماننا.

 

لقد سمعنا في الإنجيل بشارة الملاك لمريم الذي قال لها: إفرحي يا ممتلئة نعمة. الرب معك. إفرحي يا مريم، إفرحي. إزاء هذا السلام اضطربت مريم وسألت نفسها ما معنى هذا الكلام. لم تفهم جيدًا ما كان يحدث. لكنها عرفت أنه كان من عند الله وأجابت نعم. فمريم هي أمُّ الـ “نعم”. نعم، لحلم الله؛ نعم، لمخطط الله؛ نعم، لمشيئة الله.

 

“نعم”، وكما نعرف، لم يكن من السهل عيشها. “نعم” لم تملأها بالامتيازات أو الاختلافات، بل وكما سيقول لها سمعان في نبوءته: “وأنت سينفُذ سيفٌ في نفسكِ” (لوقا 2، 35) هذا ما حصل لها بالفعل. لذلك نحن نحبها كثيرًا ونجد فيها أمًّا حقيقيّة تساعدنا لنحافظ على شعلة الإيمان والرجاء حيّة وسط أوضاع مُعقّدة. وإذ نتبع نبوءة سمعان سيساعدنا أن نتذكّر ثلاثة أوقات صعبة في حياة مريم.

 

أولا، ميلاد يسوع. لم يكن لهما مكان. لم يملكا بيتًا أو غرفة ليستقبلا ابنهما. لم يكن لديها مكان لتلد، ولا حتى أقرباء، كانا وحيدين. والمكان الوحيد المتوفر كان مغارة للحيوانات. وبالتأكيد كان يتردد في ذاكرتها صدى كلمات الملاك: إفرحي يا مريم، الرب معك. وقد تكون قد تساءلت: وأين هو الآن؟

 

ثانيا، الهرب إلى مصر. اضطُروا للذهاب والهروب. وهناك لم يكن لديهم مكان أو عائلة لا بل كانت حياتهم أيضًا في خطر. اضطُروا لترك أرضهم ليذهبوا إلى أرض غريبة. هاجروا بسبب طمع الإمبراطور وجشعه. وهناك قد تكون قد تساءلت: ماذا حصل لما قاله لي الملاك؟

 

ثالثا، الموت على الصليب. لا توجد حالة أصعب من حالة أمٍّ ترافق موت ابنها. إنها لحظات مُفجعة. هناك نرى مريم، عند أقدام الصليب، ككل أمٍّ، صامدة بدون أن تستسلم، ترافق ابنها حتى الموت، موت الصليب.

 

نرى حياتها ونشعر بأن هناك من يفهمنا. يمكننا أن نجلس للصلاة ونستعمل لغة عامة إزاء سلسلة لامتناهية من الأوضاع التي نعيشها يوميًّا. يمكننا أن نجد في العديد من أوضاع حياتها ونخبرها عن واقعنا لأنها تفهمه.

 

إنها امرأة الإيمان وأمّ الكنيسة، هي التي آمنت. حياتها هي شهادة بأن الله لا يخيّب ولا يترك شعبَه بالرغم من وجود أوقات وأوضاع يبدو لنا فيها أنه غير موجود. لقد كانت التلميذة الأولى التي رافقت ابنها وعضدت رجاء الرسل في الأوقات الصعبة. لقد كانت المرأة المتنبِّهة والتي عرفت أن تقول – عندما بدا لها أن العيد والفرح قد انتهيا – “ليس عندَهم خمر” (يوحنا 2، 3). كانت المرأة التي عرفت أن تذهب لتقيم عند نسيبتها أليصابات “نحو ثلاثة أشهر” (لوقا 1، 56) لكي لا تكون وحدها عندما تحين ولادتها.

 

هذا كله نعرفه من الإنجيل، لكننا نعرف أيضًا، أنها على هذه الأرض الأم التي كانت إلى جانبنا في العديد من الأوضاع الصعبة. هذا المزار يحفظ ويكتنز ذاكرة شعب يعرف أن مريم أمٌّ كانت ولا تزال إلى جانب أبنائها.

 

لقد كانت ولا تزال في مستشفياتنا ومدارسنا وبيوتنا. لقد كانت ولا تزال في عملنا ومسيرتنا. لقد كانت ولا تزال إلى مائدة كل بيت. لقد كانت ولا تزال في تكوين البلاد وجعلت منا أُمّةً. بحضور مميّز وصامت على الدوام. فبالنظر إلى أيقونة وصورة أو ميداليّة، ومن خلال المسبحة نعرف أننا لسنا أبدًا وحدنا.

 

لماذا؟ لأن مريم أرادت أن تقيم وسط شعبها، مع أبنائها وعائلتها. تتبع يسوع على الدوام بين الجمع. وكأم صالحة لم تشأ أن تترك أبناءها لا بل هي حاضرة على الدوام حيث يمكن لأحد أبنائها أن يحتاج إليها. وذلك فقط لأنها أم.

 

إنها أم تعلّمت كيف تصغي وتعيش وسط العديد من الصعوبات ذلك القول: “لا تخافي، الرب معكِ”. أمٌّ تواصل قولها لنا: “مهما قال لكم فافعلوه”. إنها دعوتها الدائمة والمستمرّة: “مهما قال لكم فافعلوه” ليس لديها برنامج خاص ولا تأتي لتقول لنا شيئًا جديدًا لكنها فقط ترافق إيماننا بإيمانها.

 

أنتم تعرفون هذا الأمر وقد اختبرتم ما نتشارك به. جميعكم، جميع شعب الباراغواي يملك ذاكرة حيّة لشعب جسّد كلمات الإنجيل هذه. وأريد أن أتوجّه بشكل خاص
إليكن يا نساء وأمهات الباراغواي اللواتي عرفتنَّ بشجاعة وبذل ذات أن ترفعن بلدًا منهزمًا وغارقًا بسبب الحرب. أنتنَّ تملكن ذاكرة ومورّثة اللواتي أعدنَ بناء حياة وإيمان وكرامة شعبهنَّ. وعلى مثال مريم عشنَ أوضاعًا صعبة جدًّا تتعارض مع الإيمان بحسب المنطق العام. أما أنتنَّ، وتمامًا كمريم، يدفعكنَّ ويعضدكنَّ مثالها، ثبتنَّ في الإيمان “راجيات على غير رجاء” (روما 4، 18). وعندما بدا أن كلّ شيء يتدمَّر، قلتنَّ مع مريم: نحن لا نخاف، الربُّ معنا مع شعبنا وعائلاتنا ومهما يقل لنا سنفعله. وهناك وجدّتُنَّ الأمس القوة وستجدنَها اليوم أيضًا لكي لا تصبح هذه الأرض يتيمة الأم. ليُبارك الله هذا الحزم، ليُبارك الله إيمانكنَّ ويعززه، ليبارك الله المرأة الباراغويّة الأعظم في أمريكا.

 

كشعب، جئنا إلى بيتنا، بيت الوطن، لنصغي مرّة أخرى لهذه الكلمات التي تفيدنا جدًّا: “إفرحي… الرب معكِ”. إنه نداء لكي لا نفقد الذاكرة والجذور والشهادات العديدة التي نلتموها من شعب مؤمن تعرّض للخطر بسبب نضاله. إيمان صار حياة، حياة صارت رجاء ورجاء يحملنا لنسبق في المحبّة. “نعم”، لنسبق في المحبة على مثال يسوع. كونوا حاملين لهذا الإيمان وهذه الحياة وهذا الرجاء. كونوا بناة لحاضر الأورغواي ومستقبله.

 

وإذ نعود للنظر إلى صورة العذراء، أدعوكم لنقول معًا: “في جنّة كآكوبيه، شعبُكِ أيتها العذراء الطاهرة يعطيك محبّته وإيمانه”. صلي لأجلنا يا والدة الله القديسة لكي نستحق وعود ونعم ربنا يسوع المسيح. آمين.      

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير