Director: Darren Aronofsky
Writers: Darren Aronofsky, Ari Handel
Starring: Russell Crowe, Jennifer Connelly, Ray Winstone, Anthony Hopkins, Emma Watson
Category: Action Adventure Drama
Release Year: 2014
Length: 138 min
كل شيء يبدو ضخماً في هذا الفيلم: ميزانيّة بلغت حوالى 125 مليون دولار(“ Son of God” 23 مليون دولار)، أسماء كبيرة ( (Crowe, Connelly, Hopkins… ،إستعمال كثيف للمؤثرات الخاصة، حملة إعلاميّة كبيرة، فيلم يوحي فعلاً بالضخامة، ولكن… فارغ.
إذا قصدت مشاهدة “Noah” معتقداً أنّه سيرفعك الى عالم الروح، لأنّك وببراءة إفترضت أن من هو وراء الفيلم قد قرأ وتعمّق في الأحداث وحلل الشخصيات والمواقف، خاصة وأنّ بين يديه قصة كاملة، ومن ثم عكس ما توصّل إليه في عمل سينمائي مبدع وعميق يجسّده ممثلون من الدرجة الأولى، فاعلم أنك لن تجد كل هذه الأمور. يعكس الفيلم رؤيا مشوّهة ولاهوتاً خاطئاً ،فيلم بعيد عن أيّ روحانيّة بعده عن النص الحقيقي لقصة نوح. شخصيات في معظمها باهتة ، مفككة، ونص يُعالج… لا أعرف ماذا بالتحديد. إنها قصة مختلفة حتى إنّ أحداثها تقع في عالم مختلف قليلاً عن الأرض.
اسم “الله” لن تسمعه ولا مرة واحدة في كل الفيلم لأنّه إستُبدل بكلمة “الخالق”. وهذا “الخالق” لا يتحدث ابداً الى نوح، كما في الكتاب المقدّس، بل يعطيه رؤى يستنتج منها نوح ما يستنتج. وأكثر ما يعكس هذا “الخالق” من الله في العهد القديم هو العقاب والقسوة.
نوح (Russell Crowe) في الفيلم يشبه المقاتل اكثر من أيّ شيء آخر ولديه فعلاً مبادئ غريبة. ففي بداية الفيلم مثلاً، نراه يؤنب ابنه لأنّه قطف زهرة صغيرة لم يكن من المتوجب قطفها، يليه مشهد يقوم خلاله نوح بقتل 3 أشخاص دون رحمة و”تحقيقاً للعدالة” كما هو يقول. كأنّ الكون وما يحويه أهم من الإنسان. هو يظهر في مُجمل الفيلم شخصاً يتكل على قدراته واستنتاجاته أكثر مما يتكل على “الخالق”. ولنوح جَدّ (Anthony Hopkins) يملك قدرات سحريّة غريبة جداً عن روح الكتاب المقدّس. فهو بضربة واحدة من سيفه يحرق أعداداً كبيرة من الناس، الأشرار طبعاً. فالإنسان الشرير يُستغنى عنه بسهولة ويبدو أنّه أورث هذا المفهوم لحفيده، يحرقهم اذاً ليخلّص بعض الملائكة. نعم، هناك ملائكة في الفيلم تُسمّى “الحرّاس”. هذه الملائكة أشفقت على آدم بعد طرده من الجنّة فعصت “الخالق” وتبعت آدم لتساعده، مبديةً رحمة وتفهماً أكثر من “الخالق” الذي عاقبها وحوّلها الى عمالقة صخريّة. هؤلاء “الحرّاس” يساعدون نوح في بناء السفينة ويحمونه من “الأشرار”. سيذكّرك هؤلاء العمالقة حتماً بأشجار الـ ENT من فيلم Lord Of The Rings
ما عدا نوح وعائلته، فإنّ جميع الناس في الفيلم هم أشرار وجميعهم من سلالة قايين. وصراحة لا يُظهر الفيلم سبباً لهذا الشرّ سوى الجوع والحاجة وبالتالي فإنّ قرار “الخالق” بإفنائهم بسبب شرورهم لا تبدو مبرّرة. ولكنّه خالق قاسٍ. ملكهم الشرير (Ray Winstone)، والذي كان اختياراً جيداً لهذا الدور، يبدو كأنّه الوحيد الذي فهم قصّة الخلق، فقد أورد الكاتب بعض المفاهيم الصحيحة على لسانه كقوله مثلاً بأنّ الكون وما فيه خًلق قبل الإنسان ولخدمته وليس العكس، وهذا مستغرب جداً، فعادة ما هو صالح وصحيح لا يأتي على لسان الشرير. لهذا الملك أيضاً تساؤل شبه دائم حول صمت “الخالق”، مع أنّه، وكما يقول الملك، انّه مثله(أيّ مثل “الخالق”) قادر على إعطاء الحياة وأخذها فلماذا لا يجيبه. الإنسان القادر على إعطاء الحياة وأخذها هو موضوع جدير بالتعمّق فيه ولكن الفيلم لم يفعل ذلك.
يجب الإقرار بأنّ الفيلم يحوي بعض الإيجابيات في النصّ، ولكنّني سأترك لك أمر اكتشافها. والأشخاص الذين يحبون المؤثرات الخاصة سيستمتعون حتماً بما سيرونوه، كما أن مشاهد قصة الخلق كما يرويها نوح في منتصف الفيلم تقريباً كانت جيدة. Emma Watson كانت إضافة موفّقة الى الممثلين، وإذا استطعت تخطي قدرات الجدّ السحريّة فـ Anthony Hopkins يُضفي حضوراً مميزاً على الفيلم.
مؤخراً أعلنت شركة Paramount ، وبعد ضغوط من مجموعات دينيّة، أنها ستضيف توضيحاً في كل منشوراتها وإعلاناتها اللاحقة حول الفيلم، وهذا بعض ما يتضمنه :” إنّ الفيلم مستوحى من قصة نوح… إنّ قصّة نوح البيبليّة موجودة في كتاب التكوين”. هذا التوضيح مهم جداً لكل من يرغب بمشاهدة الفيلم وهو طبعاً لم يُنشر للحفاظ على نزاهة الشركة بقدر ما هو بسبب الخوف من فقدان الجمهور المسيحي، ولكنه منصف. فالفيلم “مستوحى من”، ومن أراد قراءة القصّة الحقيقيّة التي هو مستوحى منها فعليه مراجعة كتاب التكوين. ما اتمناه هو أن لا تعود اليك شخصيّة نوح هذه ومشاهد الفيلم وأنت تقرأ القصة الصحيحة في الكتاب المقدّس.
لا النص ولا المعالجة ولا حتى الميزانيّة الضخمة والأسماء الكبيرة استطاعت إعطاء أيّ قيمة فعليّة للفيلم، وهو من المؤكد لن يبقى طويلاً في الذاكرة.
أنطوان نعنوع
16 نيسان 2014
أنطوان نعنوع، حالياً، مؤسس ومدير Art Pulse Productions. سابقاً، عمِل لمدة 10أعوام كمدير الدائرة الفنيّة في تلفزيون تيلي لوميار، فضائيّة مسيحيّة لبنانيّة، وقبلها لمدة 13 عاماً في الـ LBCI، فضائيّة لبنانيّة.وهو أيضاً مؤسس “تجمّع خليقة جديدة” المسيحي.