كرس الأب رانييرو كانتالامسا، واعظ الدار الرسولية، تأمله في الجمعة العظيمة بحضرة البابا في بازيليك القديس بطرس إلى خيانة يهوذا، وتأمل في القسم الأول من العظة بأسباب خيانة يهوذا.
قال كانتالامسا في مطلع العظة: “كان في حياة يسوع أشخاص عدة، ربما أكثر هذه الشخصيات مأساوية هي شخصية التلميذ الخائن يهوذا الاسخريوطي”.
لقد اختير يهوذا ليكون أحد الاثني عشر، وفيه يقول لوقا (6، 16): “يهوذا الاسخريوطوي الذي صار egeneto خائنًا”. لذا يهوذا لم يكن خائنًا عندما اختاره يسوع، بل صار كذلك في عيشه لدراما الحرية البشرية.
لماذا صار خائنًا؟ هناك من يقول أنه خان يسوع بسبب موافق يسوع السلمية، بينما هو كان ينتمي إلى الغيورين الذين كانوا يقاومون الرومان بشكل عنيف وملموس. هذه التحليلات لها طبعها الأدبي والفني (فلنذكر أفلامًا مثل Jesus of Nazareth ومثل Jesus Christ Superstar)، ولكن لا ركيزة تاريخية لها. فالأناجيل، التي هي المراجع الوحيدة الموثوقة بشأن هذا الرجل، تحدثنا عن أن غايته كانت مادية، كانت المال.
ويظهر الإنجيليون تعلقه بالمال في أوقات مختلفة. فعند مسحة بيت عنيا، حيث تسكب مريم على رجلي يسوع الطيب الثمين وتمسحه بشعرها، يقول لنا الإنجيلي أن تذمر يهوذا ينبع من أنه كان المسؤول عن الخزنة وكان يسرق ما في داخلها.
كذلك عرضه على رؤساء الكهنة هو واضح: “كم أنت مستعدون لتعطوني فأسلمه لكم؟”.
لماذا لا يقبل البعض بهذا الشرح ويظنون أنه سخيف وسطحي؟ أليس الأمر كذلك على مدار التاريخ؟ مامونا، المال، ليس واحدًا من الأصنام الكثيرة، بل هو الصنم بامتياز. فكلمة مامونا تعني “صنم المعدن المسكوب”.
فلنتساءل صراحة: من هو عدو الله الحق ومنافسه في هذا العالم؟ الشيطان؟ ما من إنسان يقرر أن يخدم الشيطان دون سبب! فمن يقوم بذلك، إنما يفعله لأنه يريد مالاً وسلطانًا وخيرات زمنية.
يسوع يوضح لنا أن عدو الله الحق ومنافسه هو المال: “ما من أحد يستطيع أن يخدم ربين: لا يمكنكم أن تخدموا الله والمال” (مت 6، 24). المال هو “الإله المرئي” بعكس الله الذي لا يُرى.
يقول لنا الكتاب المقدس أن “التعلق بالمال هو أصل كل الشرور” (1 تيم 6، 10). فوراء أي شر في مجتمعنا هناك المال، أو على الأقل هناك أيضًا المال. فماذا هناك وراء الاتجار بالمخدرات التي تدمر الكثير من الحيوات البشرية؟ ماذا هناك وراء الاتجار بالأعضاء البشرية، التي تؤدي إلى خطف الكثير من الأطفال والأشخاص والاتجار بأعضائهم كسلع؟ ماذا هناك وراء الاتجار بالأسلحة؟ ماذا هناك وراء الدعارة؟
وقال الأب كانتالامسا أيضًا: “إن خيانة يهوذا تستمر في التاريخ والمُخان هو عينه دومًا، يسوع! يهوذا باع الرأس، أتباعه يبيعون جسده، لأن الفقراء هم أعضاء المسيح. ’كل ما فعلتموه لأحد إخوتي هؤلاء الصغار، فلي قد فعلتموه” (مت 25، 40).