“بالرغم من كل الجهود التي نبذلها لفهم سر الثالوث إلاّ أنه يصعب علينا أن نفهمه بالكامل إنما يمكننا أن نقوم بما هو أجمل من ذلك وهو الدخول فيه من خلال عبادته” بهذه الكلمات تابع الأب رانييرو كانتالاميسا الكبوشي عظته الأسبوعية ضمن سلسلة من العظات التي سيلقيها كل يوم جمعة من الأسبوع طيلة أيام الصوم الأربعيني بحضور البابا والكوريا الرومانية في الفاتيكان. تمحورت عظته اليوم الجمعة 5 آذار تحت عنوان “الشرق والغرب أمام سر الثالوث” ضمن العنوان العريض الذي هو وكما ذكرنا “رأتان وتنفس واحد: الشرق والغرب متحدان في إعلان الإيمان نفسه”.
قال الواعظ بإنّ الله هو واحد لدى المسيحيين وهو الآب وهو دائمًا يغمر الإبن ويبذل ذاته من أجله بمحبة لا تنتهي، محبة تجمع الاثنين وهي الروح القدس. إنّ وحدة الله وثالوثيته تتجليان بعمل واحد وتشكّل سرًا واحدًا. إنما هذا السر لا يُفهم من قبل العالم غير المؤمن: “إنّ العالم هو اليوم يشابه الظروف نفسها التي كانت قبل مجيء المسيح”.
وتابع: “يجب علينا أن نساعد معاصرينا أولاً بأن يكتشفوا بأنّ الله موجود قبل كل شيء، إنّ الله موجود وقد خلقنا بمحبة وهو أب حنون جدًا وقد كشف لنا عن ذاته من خلال يسوع الناصري. هل يمكننا بصدق أن نبدأ بهذا التبشير من خلال التحدّث عن الآب والابن والروح القدس؟… إنه لمن الصعب أن نشرح لعالم اليوم سر الثالوث بجوهره وأقنومه”.
وأضاف الأب كانتالاميسا: “على الكنيسة أن تجد الطريقة الملائمة من أجل إعلان سرّ الله بشكل مفهوم يلائم عالمنا اليوم مشددًا على التركيز على “المحبة” قائلاً: “إنّ المحبة هي “اتحاد” و”علاقة”؛ لا يوجد حب مع أقل من شخصين أو ثلاثة أشخاص. إنّ كل محبة هي تفاعل بين إنسان وآخر مع رغبة بالاتحاد. يبقى هذا الاتحاد ناقصًا وعابرًا بين مخلوقات البشر حتى بين الحب الأكثر اتقادًا. أما المحبة التي تجمع الثالوث فهي وحدها كاملة التي تجعل من الثلاثة إله واحد. يمكن لإنسان اليوم أن يفهم هذه اللغة”.
وختم حديثه موضحًا بأنه بالرغم من كل الجهود التي نبذلها لا يمكننا “فهم” سر الثالوث إنما يمكننا القيام بشيء أجمل وهو الدخول فيه من خلال “عبادته”: “عبادة الثالوث بحسب ما قال غريغوريوس النزينزي هو أن نرفع له “أنشودة صمت”. العبادة هي أن نعترف بأنّ الله هو الله ونحن مخلوقات الله. إنها الاعتراف بالفرق اللامتناهي بين الخالق والمخلوق وأن نعترف بذلك بحرية وفرح كأبناء وليس كعبيد. وكما يقول الرسول بولس “غضب الله على كل كفر وظلم يأتي به الناس” (رو 1: 18).