3 عناصر تأمليّة حول فهمنا لقيامة يسوع تساعدنا في فهم تدخل الله المحب في واقعنا البسيط والعادي

تأملات في إنجيل مرقس 16: 1 – 8

Share this Entry

1- حداد النسوة؟؟

اتفقت النسوة أن يذهبن سوية الى القبر، لكي يسكبن الطيوب على جسد يسوع المائت. تجمعهم حقيقة واحدة، ألا وهي، ان يسوع مات جسديا، ولأنهن مؤمنات تقيات ورعات آمنّ بأنه سيقوم في اليوم الأخير، أي عند نهايات الأزمنة! 
  لكنّهن، نسين أن ذاك المصلوب ليس فقط إنسان بل هو الإله الحق المولود الغير المخلوق المساوي للآب في الجوهر (القانون النيقاوي) رب الحياة وسيدها، القائم بقدرة المحبة من موت الإنسان، إنها بداية البدايات.

٢- الله يسبق فشلنا
إن الإطار المحيط بمكان القبر، تخيّم عليه أهوال الظلم والمآسي، لكنه، سيتخلّى عن الحداد وسيلبس حلة الحياة، يا للعجب، كيف ان القبر الفارغ، سيصبح للتلاميذ مركز إعلان غلبة الحياة على الموت، انتصار المحبة على جحيم الظلم، سيعلن للنسوة عن حقيقة السر العظيم،  فما إن تفكّرن بدحرجة الحجر (راجع مر١٦: ٣) حتى نظرن مندهشات متعجبات: الحجر الكبير كان مدحرجًا عن باب قبر يسوع (راجع مر ١٦: ٤) ! ولكن من بإمكانه أن يفعل ذلك؟ من سبقهن الى مكان القبر؟ وما إن دخلن القبر حتى رأين الملاك ينتظرهن، معلنا خبر القيامة، يسوع الناصري المصلوب قد قام وهو ينتظر التلاميذ في الجليل (راجع مر ٦). فنحن أمام انتظار واستباق دائم من قبل الله تجاه حزن الإنسان وكآبته، لأن محبة الله لنا، تسبق دوما فشلنا وخطيئتنا، فالله يريد أن يحرر قلب الإنسان من عبودية الموت. لهذا ينتظرنا في الحالات التي لا يمكن أن نفتكر أو نظن، بأنه سيكون حاضر لخلاصنا، فتراه يدحرج الحجر عن قبر جحيمنا، معلنا لنا حقيقة القيامة، الحدث القائم في واقع حياتنا العادية والبسيطة. فالإنسان من طبعه ميال الى العزلة والإنكفاء والتقوقع، بينما الله من طبيعته يحب ملاقاة الإنسان لاسيما من وقع فريسة الخطيئة،  فالغلبة هي دوما للشركة في المحبة الغافرة والمحيية.  

٣- صدمة القيامة
نعم، لقد عمد الله في تربيته للمؤمنين، أن يلجأ إلى فن الصدمات الإيجابية، وتتألّف من عنصرين، الأول، المفاجأة السارّة، الثاني، حالة اللآتوقّع. صدمة تحدث في نفس الإنسان، حالة من الإنذهال والتعجب، تحرره من أفكار الفشل وتنقله من واقع الى واقع مختلف.  إنه إنقلاب في الموازين والأعراف والتوقعات. فقيامة يسوع أحدثت في النسوة، صدمة القيامة التربوية” لا ترتعبن، انتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. ما هو هنا، بل قام… فاذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: هو يسبقكم الى الجليل وهناك ترونه كما قال لكم”(مر١٦: ٦ -٧).
بعد الصدمة هناك سكوت وصمت وانذهال وتعجب، لهذا نرى كيف أنهن “لم يخبرن احدا بشيء لأنهن كن خائفات”(مر١٦: ٨). الأمر يتطلب إعادة التفكير أي استحضار المشهد وعيشه بتفاصيله. صدمة القيامة، ستزعزع لدى اتباع يسوع، الأفكار العادية حول الموت والإنبعاث والواقع والحياة والجسد والنفس والحب، والإيمان والشهادة…
قيامتك تبدأ في جحيمك الذي دفنت ذاتك فيه، فبقدر ما تبحث عن موتك بالقدر عينه، يبحث الله عن سبل قيامتك.

خلاصة
فمن بإمكانه ان يفهم ما حدث؟ كيف يمكن ان تفسر حقيقة المشهد؟ طبعا لا احد سيصدق ما شاهدته النسوة. ربما سيتهمن بأنهن قد اعتراهن عارض جنون حاد بسبب فقدانهن يسوع، أو أنهن يحاولن تخفيف اهوال المصيبة، عن كاهل الرسل الرجال، بابتداع أحلام وهمية! كلا يسوع قام، فهذا ليس بحلم، إنه واقع ملموس. ولكن كيف سيفهم الرسل اختبار النسوة؟ 
يتبع… 

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير