نابولي، 30 أكتوبر 2007 (ZENIT.org). – “الحرب باسم الدين هي حرب ضد الدين”: هذا ما صرح به برثلماوس الأول بطريرك القسطنطينية المسكوني، في افتتاح مؤتمر “من أجل عالم دون عنف. ديانات وثقافات في حوار”.
هذا وقد انعقد المؤتمر في مدينة نابولي برعاية جماعة سانت إيجيديو من 21 إلى 23 أكتوبر الجاري. وقد صرح البطريرك أن المؤتمر قد اهتم بمعالجة “موضوع هام وآني”، مشكلاً فرصة “للتواصل الشخصي” بين الحضور.
كما وكان فرصة “لتقاسم بعض الأفكار والخبرات، بيننا نحن الذين نتقاسم رغبة وقف العنف، أيًا كان مصدره، ورغبة أن يستتب السلام في كل الأرض”.
هذا وذكر برثلماوس الأول أنه يتم الحديث كثيرًا في هذه الأيام عن صراع الحضارات “الذي يعزى إليه، أقله نسبيًا، العنف الذي يُمارس بأشكال مختلفة”.
وأضاف: “إن الحضارات، التي هي مركبات معقدة من البنى والقيم وأشكال العيش، تجد نفسها باستمرار في صراع وتأثير متبادل، قد تكون نتيجته الأخيرة امتصاص الحضارات القوية للضعيفة”.
واستدرك البطريرك قائلاً: “إلا أنه ليس ضروريًا ولا مفيدًا التوصل إلى استعمال العنف. لأن العنف، كونه يعبر عن لا-قيمة، لا يمكن استعماله للدفاع عن القيم”.
في هذه الوضع، من الضرورة توطيد “حوار صادق ومسالم”، إلى جانب “الوعي بأن الحضارات لا تتحاور بشكل مباشر، بل عبر أشخاص هم حملة تقاليد وقيم ثقافية”.
لهذا السبب، صرح برثلماوس الأول: “من الضروري عدم الكلام عن حوار الثقافات بل عن ثقافة الحوار”.
“هناك أمر واحد يستطيع أن يضع حدًا للعنف، وأن يسهل التفاهم المتبادل، وهو التعايش السلمي بين الأفراد والشعوب”.
إذا كان كل هذا ينطبق على الحضارات، “فكم بالحري يجب تطبيقه على الأديان”.
في هذا الإطار، لا ننسى ولا نستخف بالمصاعب، لأن الأديان تتميز بشكل عام “بانغلاق أكبر من ذلك الذي يميز الحضارات”.
“فالأديان تتميز بمطلقية يصعب تفسيرها. ونظرًا لارتباطها بالألوهة، تعتمد مقاييس ومعايير وأساليب ارتباط تخالف المقاييس والمعايير وأساليب الارتباط الدنيوية”.
لهذا السبب نعاين في مجال الأديان “تنامٍ في الإحساس، يقود أحيانًا إلى التطرف والعنف”، خصوصًا حيث “تنحط المطلقية العقائدية فتضحي كرهًا وتزمتًا، وعدائية أصولية”.
وهذا الأمر ينطبق إن على “أعمال العنف الاعتباطية التي يقوم بها أشخاص يؤمنون بأنهم يعبرون بهذا الشكل عن أمانتهم لدينهم ولله”، وإن على “استغلال الدين كوسيلة سياسية من قبل محركي السلطان السياسي والعسكري، الاقتصادي والتكنولوجي”.
وتابع بطريرك القسطنطينية المسكوني: “الحرب باسم الدين هي حرب ضد الدين”
كما وأراد البطريرك أن يستشهد “بمصدر عنف وعداوة خطير بقدر ما هو مهمل ومجهول”: ألا وهو: “روح الكارثة المرضية، تدنيس وتدمير معالم الحضارة والفن، وسواها من الأمور الهامة، كالمزارات، والأبنية والأدوات المقدسة والدينية”.
وأضاف برثلماوس الأول، يتم التعبير عن العنف على حد سواء “ضد المجتمع، ضد البشر وضد الخليقة نفسها”.
وهذا الشكل الأخير من العنف يستحق “انتباهًا خاصًا” لأن يتم “اغتصاب الطبيعة اليوم أكثر من ذي قبل، وسيكون لهذا الاغتصاب نتائج وخيمة على الإنسان، لأن الطبيعة المغتصَبة تنتقم من الإنسان الذي يعتدي عليها”.
“نحمل من البطريركية المسكونية إلى هذا المؤتمر وإلى كل العالم غصن الزيتون، أي غصن السلام والمصالحة، ونجتهد ليلاً ونهارًا في هذا الاتجاه، أي في اتجاه تعزيز الشخص البشري وتحسين أوضاعه الاجتماعية، نظرًا لأن الشخص البشري السليم يهتم بالمؤسسات الاجتماعية، بينما الشخص المريض يسعى إلى تدمير حتى المؤسسات السليمة”.
تحمل الكنائس والأديان عامة مسؤولية “الاسهام في تلطيف الأهواء البشرية، التي غالبًا ما تقود إلى الحروب والخصومات وإلى أشكال شتى من العنف تقود إلى قتل البشر”.
وقال أخيرًا: “سينتهي العنف عندما يقوم كل منا بتنمية نوع مع العنف المقدس تجاه أناه وأهوائه. وهذا ما نتمناه من كل القلب”.