التاسع والعشرون من يناير
روما، 29 يناير 2008 (zenit.org). – ننشر في ما يلي تأمل التاسع والعشرين من يناير للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
السير على خطى الأنبياء
بإمكاننا حقيقةً أن نميّز حيزاً من مشروع الله. وتتجاوز هذه المعرفة توقع مصيري الشخصي أو مسيرتي الشخصية. فبنور المعرفة هذه، يمكننا أن ننظر إلى تاريخنا كوحدة متكاملة لندرك أنه ليس مسيرة عشوائية بل مساراً يؤدي إلى هدف محدد. ويمكننا أن نتوصل إلى إدراك منطق جوهري، هو منطق الله، من خلال أحداث قد تبدو لنا مجرد صدف في ظاهرها. وحتى وإن لم يخوّلنا ذلك التنبؤ بما سيحصل في هذه اللحظة أو تلك، إلا أنه يسمح لنا بأن نطوّر حساً مرهفاً نستشعر من خلاله المخاطر الكامنة في بعض الأمور –كما والآمال التي تزهر في بعض الأمور الأخرى. فيتطور عندي حس بالمستقبل أميّز من خلاله ما يهدد بتدمير المستقبل –لأنه مخالف للمنطق الداخلي للمسار- وما من شأنه، في المقابل، أن يدفعني إلى الأمام –لأنه يفتح الأبواب المؤاتية ويتناسب والمشروع الجوهري للكون. هذا ما يمكن أن تبلغه القدرة على استشفاف المستقبل. والأمر سيّان مع الأنبياء. فلا نعتبرنّ أنهم سحرة أو عرّافون، بل أصوات تفهم الوقت والزمن من وجهة نظر الله، فتحذّرنا مما يحمل فيه طاقة مدمرة – وترشدنا، في المقابل، إلى المسار السليم الذي يجب أن نسلكه.