روما، الأحد 11 مايو 2008 (zenit.org). –انتهت اليوم السبت أعمال المؤتمر الدولي الذي دعت إليه ونظمته جامعة اللاتران الحبرية بروما حول الرسالة العامة “الحياة البشرية” التي أصدرها البابا بولس السادس في تموز يوليو 1968. وقام المشاركون بزيارة إلى القصر الرسولي بالفاتيكان، وعلى رأسهم المطران رينو فيزيكيلاّ، حيث استقبلهم البابا بندكتس الـ16 في مقابلة خاصة ووجه إليهم خطابا ركز فيه على المسؤولية واحترام الحياة البشرية.
ذكّر البابا بما جاء في الدستور الراعوي حول الكنيسة في عالم اليوم من “أن الاختصاصيين في العلوم، خاصة العلوم الحياتية والطبية والاجتماعية والنفسانية يستطيعون أن يعملوا كثيرا في سبيل الزواج والعيلة وسلام الضمائر إذا اجتهدوا في توضيح أكبر لمختلف الأوضاع التي تساعد على تنظيم النسل البشري تنظيما صحيحا وذلك عندما تتقارب دروسهم في نتائجها” (رقم 52، 4).
ورغم مرور 40 عاما على نشر تلك الرسالة، فقد أظهر ذلك التعليم حقيقته الثابتة ونظرته الثاقبة حول المسألة التي تتطرق إليها. وأضاف البابا أن الحب الزوجي يندرج في إطار مسيرة شاملة تحفظ وحدة كيان الشخص وتضمن مشاركة تامة وحرة للزوجين. إن الحياة عطية لا تقدر بثمن، وكل مرة نشهد بزوغ حياة جديدة نستشف قدرة وعظمة عمل الله الخالق الذي يثق بالإنسان ويدعوه لبناء مستقبل بقوة الرجاء.
وفي رسالته العامة “الله محبة”، كتب بندكتس الـ16 أن “الإنسان يصبح نفسه حينما يغدو جسده ونفسه في وحدة حميمة.. وحين تنزع تلك الوحدة فإن قيمة الشخص تفقد معناها وتقع في خطر اعتبار الجسم سلعة تشترى وتباع”. لذلك قال إن الحياة البشرية قد تعرض لخسارة قيمتها في ثقافة يتحكم فيها الأنا وحب التملك، ودعا لصون حياة الإنسان وكرامته.
وعندما تكلم يسوع على الحب البشري، سلط الضوء على عمل الخالق الطوعي الذي أراد أن يطبع مسار حياة البشرية على الحب السخي والمعطاء. وتابع البابا يقول إن الرجل والمرأة يشتركان في عمل الآب الخلاق ويظهّرون تلك الـ”نَعَم” السخي التي لفظاها وحققاها بعيشهما المتبادل والمنفتح على الحياة.
ولفت البابا إلى أن القانون الطبيعي، أساس الإقرار بمساواة حقة بين الأفراد والشعوب، يستحق الاعتراف به كمصدر هادٍ لعلاقة الأزواج المبنية على مسؤولية إنجاب الأطفال، مشيرا إلى أن نقل الحياة مدون في الطبيعة التي تبقى شرائعها قانونا غير مكتوب لكل من يلجأ إليها. وحذر البابا من أن كل محاولة لصرف النظر عن هذا المبدأ ستبقى عقيمة ولا أمل يرجى منها.
وشدد الأب الأقدس في كلمته على أن نبوغ المسؤولية تجاه الحياة هو الذي يخصب العطية التي يهبها الواحد للآخر، إنه ثمرة حب وليدِ اختيار حر وواع. وعندما يختبر الوالدون أنفسهم يدركون حقيقة معجزة الحياة التي تنجز فيهم ومن خلالهم.
ودعا البابا بندكتس الـ16 في ختام كلمته إلى المشاركين في المؤتمر الدولي حول رسالة “الحياة البشرية” إلى ضرورة تنشئة ملحة للشبيبة والأحداث على معرفة لسر الحياة وقيمها وتوعيتهم عبر تربية جنسية سليمة. وختم بالقول إن الحقيقة والمسؤولية يعانقان الحرية بقوة التفاني والتضحية.