رسالة الاباتي سمعان أبو عبدو الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية بمناسبة عيد مار أنطونيوس الكبير أبي الرُّهبان إلى إخوته الرُّهبان الأفاضل في لبنان وبلاد الانتشار

“الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ والشّهادةُ للإنجيل”

Share this Entry

زوق مصبح، 18 يناير 2009 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الرسالة التي وججها قدس الاباتي سمعان أبو عبدو الرئيس العام للرهبانية المارونية المريمية بمناسبة عيد مار أنطونيوس الكبير أبي الرُّهبان إلى إخوته الرُّهبان الأفاضل في لبنان وبلاد الانتشار في 17 كانون الثانييناير 2009 خلال حفلُ تجديد النّذورِ- دير سيّدة اللويزة- زوق مصبح بعنوان: “الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ والشّهادةُ للإنجيل”

 

“الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ والشّهادةُ للإنجيل”

“Perseverare ferventi nella fede e nella testimonianza evangelica”

      

أبائي الأجلاء،

أيها الاخوة الاحباء،

  نهارَ الأربعاءِ في الثالثِ والعشرينَ من كانونَ الأَوَّلِ 2008، وفي ختامِ المقابلةِ العامَّةِ، توجَّهَ قداسةُ البابا بندكتسُ السادسَ عَشَرَ المالك سعيداً بكلمةٍ مُقْتضَبَةٍ إلينا نحنُ الحاضرينَ من أبناءِ الرُّهبانيَّةِ جمهورِ دير روما، وكنّا في اللقاءِ الختاميّ لليوبيلِ المئويِّ الثالثِ لتواجُدِ رُهبانيّتِنا في روما 1707-2007، مُشجِّعاً إِيّانا على:

“الثّباتِ في حرارةِ الإيمانِ والشهادةِ للإنجيلِ”.

       لقد كانتْ كلماتُهُ القليلةُ عميقةَ المعنى تَختَصِرُ مُجْمَلَ حياتِنا الرهبانيَّةِ؛ لذا، أردْتُ في هذا العيدِ، أَن أَجْعَلَها محورَ تأمُّلِنا اليومَ، إِنّها كلماتٌ موجَّهَةٌ خصّيصاً إلينا، إلى رهبانيَّتِنا، إلى كلِّ واحِدٍ فينا، وكأَنَّ الروحَ القدسَ نطقَ بلسانِ قداستِهِ ليوقِظَ ضمائِرَنا ويَحُثَّنا على المُضيِّ إلى الأمامِ بعزمٍ وحزمٍ وإيمانٍ وإِقدامٍ.

لقد قالَها بالإيطاليَّة: “Un Cordiale saluto ai religiosi e seminaristi dell’Ordine Maronita Mariamita Incoraggiandoli a perseverare ferventi nella fede e nella testimonianza evangelica”

ألا تَرَوْنَ معي أنَّها كلماتٌ تعبُرُ إلى عمقِ كلٍّ منّا، ألا تجِدون معي أَنَّ خليفةَ القديسِ بطرسَ يتوجَّهُ إلى كلِّ راهِبٍ مريميٍّ مشجّعاً إياهُ ليكونَ راهباً مريميّا، مؤمناً، ثابتاً، مصلِّياً، مُبَشِّراً، مُرْسَلاً، سائراً على خُطى من دعاهُ سيّدُنا يسوعُ المسيحُ.

باختصارٍ، إخوتي، إِنَّ البابا يشجِّعُنا على:

أوّلاً: الثباتِ في حرارةِ الإِيمانِ

يريدُنا أَنْ نكونَ ثابتينَ غيرَ متراجعينَ أَمامَ دعوةِ المسيحِ لَنا. يُريدُنا أَنْ نثْبُتَ بالوفاءِ والأمانةِ لدعوةِ صوتِ يسوعَ الحنونِ وذلكَ من خِلالِ عيشِ حياتِنا الرُّهبانيَّةِ.  

فالثباتُ في الإيمانِ هو أَنْ نؤمِنَ بأَنَّ يسوعَ هو المخلِّصُ ابنُ اللهِ الفادي الذي يريدُ أَنْ يُحقِّقَ خلاصي وخلاصَ البشرِ على يديَّ. الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ يَعْني أَنْ أَتَوَجَّهَ بكلِّ قلبي وروحي وجسدي وأفكاري وحواسّي إلى المعلَّقِ على الصليبِ، ذاكَ الذي اختارني ودعاني إلى عَيْشِ الحياةِ الرُّهبانيَّةِ.

لقد خصَّني بدعوةٍ مميَّزةٍ، فكيفَ تُراني أَعيشُها؟ الثباتُ في حرارةِ الإِيمانِ هو في أَنْ أُقيمَ علاقةً يوميَّةً دائمةً مَعَ نبعِ الحياةِ يسوعَ المسيحِ، وأَنْ أَحْمِلَهُ إلى الآخرينَ بدلاً من أَنْ أَحْمِلَ ذاتي وأنانيَّتي، نوازعي ورغباتي الخاصَّةَ. حَريٌ بي  أَنْ أنقُلَ إلى الآخرينَ ما يُريدُ هو أَنْ أَفْعَلَ. والثباتُ في حرارةِ الإيمانِ يكونُ أيضاً بالسّيرِ على مثالِ مار أنطونيوسَ الكبيرِ الذي ترَكَ العالَمَ ليختَلِيَ باللهِ ثابتاً على إيمانِهِ على الرَّغمِ من كُلِّ الصعوباتِ والتجارِبِ التي اعترضَتْهُ.

والثباتُ في حرارةِ الإيمانِ يعني ألاّ أكونَ بِحَسَبِ ما جاءَ في رؤيا يوحَنّا: “إِنّي عليمٌ بأعمالِكَ، فَلَسْتَ بارداً ولا حارّاً، وليْتَكَ بارِدٌ أو حارٌّ. أَمّا وأَنْتَ فاتِرٌ، لا حارٌّ ولا باردٌ، فسأتقيَّأُكَ من فمي” (رؤيا 2/15-16).

وبالتالي، فإِنَّ الثباتَ في حرارةِ الإيمانِ يُحَتِّمُ علينا مشاركةَ المسيحِ في تدبيرِ شؤونِ شعبِهِ أيْ الكنيسةِ والرهبانيّةِ، بكلِّ أمانةٍ وعناية، ذلك أنّنا سَنُدانُ على كُلِّ الوزناتِ التي أعطانا إِيَّاها من خلالِ عيشِنا الرُّهبانيِّ والالتزامِ والمسؤوليَّةِ الروحيَّةِ والإداريَّةِ والماديَّةِ. “لأنَّ المدعوّينَ كثيرونَ والمُختارينَ قليلونَ” (متى 20/16).

وليْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَعْتَدَّ ويتشاوَفَ بامتيازاتٍ خاصَّةٍ في سِرِّ الملكوتِ، بحيثُ يُقَدِّمُ “فاتورةً” للربِّ طالباً جَزاءَ أعمالِهِ، بل كلُّنا سواسيَةٌ وسَنقِفُ بتواضُعٍ وانسحاقِِ توبةٍ أمامَ رحمَةِ اللهِ وَجُودِهِ، “فَمَن ظنَّ أنه قائمٌ، فليحذَرِ السقوطَ”(1قور10/12)، كما يوصينا بولسُ الرسولُ.

إِنَّ الثباتَ في حرارةِ الإيمانِ ينقُلُني إلى عَيْشِ الثّوابِتِ في حياتِيَ الرُّهبانيَّةِ، وهي يسوعُ المسيحُ وإنجيلُهُ، الكنيسةُ التي أسَّسَها والقِيَمُ والأصولُ الرُّهبانيَّةُ.

كُلُّ ذلكَ يعني وَضْعَ كُلِّ شيءٍ في مكانِهِ الصحيحِ.

إِنَّ شخصَ يسوعَ المسيحِ هو الذي يجِبُ أَنْ يكونَ حَجَرَ الزّاويةِ في حياتِنا وتفكيرِنا، وهُنا تحضُرُنا كلمةُ القديسِ بولسَ الشهيرةُ: “إنَّ يسوع المسيحُ هو هو أمسِ واليومَ وإلى الأبَدِ”(عب 13/8). إِنَّهُ السلامُ في العاصفةِ، الهدوءُ في المحنةِ، الأَمَلُ في الاضّطرابِ والنورُ في الظلمةِ.

بمقابِلِ ذلكَ، فإِنَّنا في قَلْبِ الكَنيسةِ، ونحن بمثابةِ القلبِ مِنْها. لسنا جزيرةً قائمةً بذاتِها، بل نحنُ رُهبانيَّةٌ نتوخّاها أَنْ ت
كونَ في قلبِ كنيسةِ لبنانَ منفَتِحَةً على همومِ ومبادراتِ وأهدافِ وتوجيهاتِ الكنيسَةِ المحليَّةِ والجامعةِ.

أَمّا في ما خَصَّ القيمَ الرُّهبانيَّةَ فَهي النّبْعُ.

نحن أيُّها الإخوةُ، لسنا شَرِكَةً مُساهِمَةً ولا هيئةً اقتصاديَّةً ولا تجمُّعاً حِزبيّاً، نحنُ جماعةٌ روحيَّةٌ رُهبانيَّةٌ مدعوَّةٌ إلى القداسةِ على الرَّغمِ من كُلِّ الصعوباتِ والتناقُضاتِ. وثوابِتُنا الرُّهبانيَّةُ تنبَعُ من تجديدِ حياتِنا الرُّهبانيَّةِ في ضوءِ الإيمانِ بيَسوعَ المسيحِ. وَحَرِيٌ بِنا أَنْ نعودَ إلى قوانينِنا الجديدةِ التي أردناها نحنُ وثبَّتَها لنا الكرسيُّ الرسوليُّ بصورةٍ نهائيةٍ.

وأَنْ نعودَ إلى المؤسّسينَ فَنَسْبُرَ أغوارَ ما قالوه وما أرادوه من الحياةِ الرُّهبانيَّةِ، أي تحقيقَ كاريسما هذهِ الجماعَةِ والعيشَ بموجِبِها.

وأَنْ نعودَ أيضاً إلى حَياةِ الآباءِ المُرسَلينَ وَمَثَلِهِم الصالحِ في بلادِ الانتشارِ حيثُ كانَتْ انطلاقاتُهُمُ الأولى إلى روما 1707، وإلى ليفورنو 1739، وإلى مصر  ودير القمر 1745، نستنتِج من ذلك، أنَّ عمل الرسالة كان من بداياتِ التأسيسِ ومن صُلْبِ حياتِنا الرّهبانية.

يقول البابا يوحنا بولس الثاني: “فالرسالة، بالواقع، تجدِّد الكنيسةَ، وتقوّي الايمانَ والهويّةَ المسيحيّةَ، وتعطي مزيداً من الحماسِ والدوافعِ الجديدةِ. يتقوّى الايمان عندما نُعطيه“[1]. لهذا السببِ ألهمَ الروحُ المؤسّسين فَتْحَ رسالاتٍ بعد تأسيسِ الرهبانيةِ بخمسينَ سنةً تقريباً.

وحريٌ بنا أَنْ نعودَ إلى ينابيعِ الآباءِ الحُبَساءِ وأَخْذِ العِبَرِ والالتزامِ الرُّهبانيِّ والروحيِّ وحياةِ التجرُّدِ البطوليَّة.

وأَنْ نعودَ كذلك إلى ينابيعِ الآباءِ الشُّهداءِ الذين اسْتُشْهِدوا في رسالاتِهم من أجلِ المسيحِ.

وأَنْ نعودَ إلى ينابيعِ الآباءِ الذين ماتوا برائحةِ القداسةِ، وما أكْثَرَهُم! ومنهم نطلبُ شفاعةً ولأجلهِم نُصلّي، واليومَ نذكُرُ منهم: الأبَ المؤسِّسَ عبد الله قراعلي، الأبَ الحبيسَ أنطونيوس طربيه، والأبَ جناديوس موراني وغيرَهم.

       هذا هو ما أراهُ يدعونا إليه كلامُ قداسةِ البابا في شقِّهِ الأَوَّلِ: الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ”. أمّا في الشّقِّ الثاني فإِنَّهُ يدعونا إلى:

الشهادةِ للإنجيل.

كيف لا، والحياةُ الرُّهبانيَّةُ بمفهومِنا العام هي شهادَةٌ للإنجيلِ والتّتلمذُ ليسوعَ واتّباعُهُ والاقتداءُ به والسّيرُ على خُطاهِ، كلُّها تتطلّبُ منّي الشهادَةَ للإنجيلِ. إِذاً، عليَّ أَنْ أعيشَ كلمةَ اللهِ في حياتي، تماماً كما نُرَدِّدُ كُلَّ يومٍ في صلاةِ المساءِ: “إِنَّ كلمتَكَ مِصباحٌ لِخطايَ ونورٌ لسبيلي”.(مز119/105)

إِنَّ هذهِ الشهادَةَ للإنجيلِ تتطلَّبُ العودَةَ إلى كلامِ اللهِ، إلى ما يُريدُهُ مِنّا وإلى عَيْشِ إرادتِهِ والشهادةِ لها.

وفي هذا الإطارِ، يقولُ البابا بولسُ السادِسُ ما مَعْناهُ: “يؤمِنُ الانسانُ المعاصِرُ بالشهودِ أكثَرَ منه بالمعلّمين”[2] وكأَنَّهُ يشيرُ إلى ضرورةِ ترجمةِ كلماتِ الإنجيلِ وعيشِها أعمالاً وصلواتٍ، فكلمةُ اللهِ تدخُلُ إلى أعماقِنا لِتُصبِحَ صلاةً. وها هي الإيقونوغرافيا تُصوِّرُ لنا القديسَ أنطونيوسَ منتَصباً للصلاةِ، رافِعاً يَدَيْهِ إلى العلاءِ، غارِقاً في عالَمٍ آخَرَ بعيدٍ من الترّهاتِ والمصالِحِ والأنانيَّةِ والكلامِ الفارِغِ وتَنَاولِ بعضِنا البعضِ بأحاديثَ جارِحَةٍ مؤلمةٍ أحياناً.

إِنَّ أنطونيوسَ، في حياتِهِ مَعَ اللهِ، هو مثالُنا الأعلى نحنُ الرُّهبانَ، وإِنَّ التجارِبَ العنيفَةَ التي تعرَّضَ لَها، لم يَكُنْ بوسعِهِ الانتصارُ عليها بغيرِ قوَّةِ الصلاةِ التي هي سِلاحٌ لا يُقهَرُ ولا يُذَلُّ. فأَيَّةَ مَكانَةٍ نترُكُ لكَلِمةِ الإنجيلِ وللصلاةِ في حياتِنا؟ وهَلْ هُناكَ تفاعُلٌ حقيقيٌّ بينَ حياتِنا وصلاتِنا؟

هل نَضَعُ كلمةَ اللهِ في سُلَّمِ أَوْلَوياتِنا الرّهبانيَّةِ؟

إِنَّ الصلاةَ حالةٌ مستَمِرَّةٌ وَمُسْتدامَةٌ، وليْسَتْ مناسبَةً ظرفيَّةً عابرةً، أو توقيتاً نِظاميّاً قانونيّاً فَحَسْبُ، ومَنِ اكْتَشَفَ سِرَّها، اكتشَفَ سِرَّ الحقيقةِ الرُّهبانيَّةِ بكامِلِها، واكْتَشَفَ أَبْعادَ كلامِ البابا بندكتوسَ السادِسَ عَشَرَ لَنا: “الشهادَةُ للإنجيلِ” والتي تنبَعُ من العلاقةِ الشخصيَّةِ بينَ المدْعوِّ ويسوعَ المسيحِ، حَيْثُ يشُعُّ ما في الدّاخِلِ، وحَيْثُ تكونُ الشهادَةُ حقيقةً، واقعيَّةً وأَكثَرَ فاعِليَّةً، وحيْثُ يضيءُ نورُ الإنسانِ والإنجيلِ أَمام الجميعِ.

 إِنَّ الشهادَةَ للإنجيلِ، تُمارَسُ وتُعاشُ في أديارِ الرُّهبانيَّةِ ومؤسّساتِها من قِبَلِنا نحنُ الرُّهبانَ.

  وليس خافياً على أَحَدٍ مِنّا، أَنَّ العِلمانيَّ يَنْظُرُ إلينا، يسمَعُ صوتَنا، يراقِبُ تصرّفاتِنا. وَكَمْ مِنْ عِلْمانيٍّ نَظَرَ إلى راهِبٍ وتأثَّرَ بِهِ إيجاباً، ثمَّ شَكَرَ الرَّبَّ وأَصْبَحَ كذاكَ الرَّاهِبِ… وَكَمْ من عِلْماني، بَلْ ما أكْثَرَهُم، نظروا إلى راهِبٍ ثُمَّ ضَلّوا…

“الشهادَةُ للإنجيلِ”، تعني أَنْ أَعْمَلَ بأمانةٍ، وأَنْ يكونَ الحوارُ أساسيّاً في تَعامُلي مَعَ الآخَر.

“الشهادَةُ للإنجيلِ” تَعْني ألاّ أُلْغِيَ أَخي. وها هي أديارُنا ومؤسّساتُنا وخصوصاً التربويَّةَ والرّعويَّةَ، تتطلَّب
ُ حِواراً وشراكَةً وتنسيقاً وتعاوناً، ومن لا يجِدُ نَفْسَهُ أهلاً لهذا فَلْيتنحَّ عن مسؤوليَّتِهِ. نحنُ مُجْبَرونَ على التعاونِ، فمؤسّساتُنا باتَتْ ضخمةً وتحتاجُ منّا تنسيقاً وحواراً واستنارَةً برأي الآخر لا تفرُّداً ولا استقالَةً من أدوارِنا.

الشهادَةُ للإِنجيلِ، لا تعني أَنْ نَشْهَدَ هُنا في لبنانَ فقط، فنحنُ مدعوّونَ للشهادَةِ في كل مكانٍ، وبالأخَصِّ في مراكزِ الرُّهبانيَّةِ في بِلادِ الانتشارِ.

جميلٌ أَنْ تملِكَ رُهبانيَّتُنا خمسةَ مراكِزَ في بلادِ الانتشارِ، وتحديداً في مِصرَ والأرجنتينَ والأورغواي وروما وأميركا الشماليَّةِ، لكنَّ الأَجْمَلَ أَنْ نتواجَدَ فيها، فحتّى الآنَ نحنُ عاجِزونَ عن تأمينِ ثمانيةِ رُهبانٍ لديهِم الرغبَةُ في خِدمةِ هذهِ الرسالاتِ.

هَلْ يُعْقَلُ هذا الأمرُ؟ وحتّامَ تستمِرُّ هذهِ الحالُ؛ فيما نحنُ نُردِّدُ كُلَّ يومٍ في القُدّاسِ بأَنّنا “نؤمِنُ بكنيسةٍ واحدةٍ مقدّسَةٍ جامِعَةٍ رسوليَّةٍ”؟

هَلْ تُرانا نَسينا أَنَّ كُلَّ اللاّهوتِ يركِّزُ على رسالةِ المسيحِ والتبشيرِ، وهو يُذكِّرُنا دوماً بأنَّهُ ما جاءَ إلاّ لِيُتمِّمَ إرادَةَ أبيهِ؟

  هذهِ أفكارٌ وتساؤلاتٌ أتوجَّهُ بها إلى نفسي أَوَّلاً وإلى كُلِّ راهِبٍ وأَخٍ لكي تكونَ محورَ تأمُّلِنا منذُ اللحظَةِ، وَلَعَلَّ كلامَ البابا يكونُ المنبِّهَ الأساسيَّ لَنا وهو يُشَجِّعُنا على “الثباتِ في حرارةِ الإيمانِ والشهادَةِ للإنجيلِ”.

إِخوتي الأَحِبّاء!

بشفاعَةِ أُمِّنا مريَمَ العذراءِ،

وبشفاعَةِ القديسِ انطونيوسَ أبينا

نطلُبُ من الرَّبِّ أَنْ يُعطيَنا القُدْرةَ على عَيْشِ كلماتِهِ الانجيليَّةِ مستندينَ إلى تراثِ رُهبانيّتِنا ورجالاتِ الإيمانِ فيها الذين أَسّسوا وعَمِلوا وضَحَّوا والتَزموا وكانوا لنا القدوةَ والمِثالَ.

ونتمنّى أن يكونَ تشجيعُ البابا دعوةً دائمةً لنا:

“الثباتُ في حرارةِ الإيمانِ والشهادَةُ للإنجيلِ”.

وختاماً، أُرَدِّدُ وإِيّاكم كلامَ بولُسَ الرسولِ لمناسبةِ اليوبيلِ الألفيِّ الثاني لمولِدِهِ: “تنبَّهوا واثبَتوا في الإيمانِ.

كونوا رجالاً، كونوا أشِدّاءَ،

ولتَكُنْ أمورُكُم كُلُّها بمحبَّةِ.

مَعَكُمْ جميعاً نعمةُ الربِّ يسوع

محبّتي لكم جميعاً في المسيحِ يسوعَ”(1قور 16/13-14؛/23-24).

آمين.

كل عيد وتجديد وأنتم بخير.

1 “رسالة الفادي”، رسالة عامة للبابا يوحنا بولس الثاني، الفاتيكان 7/12/1990، عدد42 ص 66.

2  “واجب التبشير بالانجيل” إرشاد رسولي للبابا بولس السادس، في 8/11/1975، عدد 41، أعمال الكرسي الرسولي68 (1976) ص 31-32.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير