جل الديب، الثلاثاء 10 مايو 2011 (ZENIT.org). – عقدت ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان : “اليوم العالمي لحرية الصحافة”، برئاسة الرئيس العام لجمعية الآباء المرسلين اللبنانيين، ونائب رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، الأب ايلي ماضي، شارك فيها: مدير إذاعة لبنان الحرّ، الاستاذ طوني مراد، ومدير عام إذاعة الرسالة، الأستاذ طلال حاطوم، والسيدة وردة الزامل، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، حضرها: أمين سرّ اللجنة، الأب يوسف مونس، والمسؤول عن الفرع السمعي البصري في اللجنة، الاب سامي بو شلهوب، والارشمندريت انطوان نصر، وعميد الصحافة الدكتور أنيس مسلّم، والعميد بردليان طربية وعدد كبير من المهتمين والإعلاميين.
رحب الأب ايلي ماضي بالمنتدين والحضور آملاً من خلال هذه الندوات تنوير الرأي العام في بعض القضايا التي يجهلونها.
ثم كانت كلمة الإعلامية وردة الزامل عن التعددية في وسائل الإعلام جاء فيها:
هو زمن الحراك الإعلامي، إنتقال الزميلات والزملاء من محطة إلى محطة ولكلٍ أسبابه. إنما يبقى السؤال: هل يبحثون حقاً عن الحرية والتعدديّة؟ أو عن أشياء أخرى؟ هل يُبعدون ؟ هل الوسائل الإعلامية وإدارتها بأفضل حالاتها؟
أضافت: شخصياً أقول: “لا… إنطلاقاً من تجربتي الشخصيّة… ناضلت 34 سنة في صوت واحد جامع، وعندما لاح في الأفق الإنقسام والنزاعات القضائية، أخذت على عاتقي العمل من أجل تسوية تُبقي الصوت صوت واحد، والزملاء الأحباء، زملاء يُنتجون بإستقرار ونجاح وشراكة ومحبة؟ ولغاية الآن لم تُفلح جهودي، فكل الإنقسام تعدديّة؟
من جهة ثانية رأت أن التعدديّة اصبحت من الشعارات المستهلكة، كي لا تقول المبتزلة، وفي السياسة، أصبحت عدديّة ! وفي اللغة الطائفيّة أصبحت طفرة في شوارع إسقاط النظام الطائفي ونغمة الشعب يُريد…
وأضافت: “أما في الإعلام، فالتعددية حدّث ولا حرج، يقولون لك: الرأي والرأي الآخر… وفي الواقع استنساب في بعض المؤسسات الإعلامية: يسود رأي ويُقمع راي… وفي أحلى الحالات الرأي الآخر أكسسوار، كما (( Broche صغير على بدلة مهركلة، تقليدية وصولاً إلى متزمتة أحياناً. وبعض الشاشات والإذاعات يغيب عنها الرأي الآخر تماماً وإذا وُجد في وسائل أخرى فديكور مثل plante شتلة اصطناعية في زاوية، الستديو والإعلامي المحاور يتشاطر ليسجل نقاط على ضيفه لصالح ميول الوسيلة التي يعمل فيها.
وأضافت: “ويكيليكس، هذه التفاهة الخطيرة، البدعة، أصبحت مرجعيّة وأفقدت صدقية ومصداقية مراجعنا”.
وخلصت إلى القول: “التعددية ليست فقط سياسية، بل هي أبعد من حدود وسائلنا الإعلامية الضيقة”.
ثم كانت كلمة الأستاذ طوني مراد عن استقلالية وسائل الإعلام جاء فيها:
في المسيحية الخيار حرّ: “تعرفون الحق والحق يحرركم” وفي الإسلام: “لا إكراه في الدين”.
ورأى أن الإستقلالية لا تعني أن يكون الإعلام محايداً، بل أن يتمتع بالقدرة على اتخاذ الموقف الذي يقتنع به أو يريح ضميره، وأن يتعاطى مع الخبر والرأي من دون الحرص على إرضاء هذا أو عدم إغضاب ذاك .
أضاف: “الإستقلالية تعني حرية الخيار وقابلية تبدل هذا الخيار” . والعوامل التي تقيد الإستقلالية : الملكية الحصرية “المقنعة”، الإنتماء السياسي، مصدر التمويل في حال عدم الإكتفاء الذاتي، عدم تطبيق القانون من قبل الدولة ومن قبل الوسيلة الإعلامية ، فوضى التراخيص والمؤسسات غير المرخصة، التحايل على القانون (بين الفضائي والأرضي) والإبتزاز الرسمي … واليوم، معظم وسائل الإعلام مملوكة من عائلات سياسية أو متمولين أو بالشراكة بين الجانبين.
ورأى أن تثبيت الإستقلالية يتم عبر: السعي إلى عدم تحويل المؤسسة الإعلامية إلى وسيلة دعاية حزبية أو فئوية، مخاطبة جميع فئات الجمهور (طوائف، مناطق، مستويات، أعمار)، عمل احترافي متطور والتركيز على أكبر قدر من الموضوعية وغنى المادة الأخبارية أو البرامجية. والسعي انطلاقاً مما تقدم إلى توفير التمويل الذاتي ما أمكن ولاسيما من المردود الإعلاني.
وختم بالقول: “إن الإنتماء السياسي ليس عيباً ، لكن المشكلة تبدأ عندما تصبح الوسيلة أسيرة الإنتماء”.
ثم كانت مداخلة الأستاذ طلال حاطوم جاء فيها:
وصف مهنة الصحافة بمهنة المتاعب يقارب الحقيقة، لأن متاعبها تزداد مع ازدياد الحرية الصحافية، وتزداد مع اختناق الحرية الصحافية، كل المتاعب التي تواجه الإعلامي يومياً مقبولة نوعاً ما، وجميع الصحافيين في أي مكان في العالم يتوقعونها. ولكن ما هو غير مقبول ان تعتمد حكومة ما قانوناً تستخدمه متى ما شاءت لخنق الإعلام. فمن دون وجود أي قانون، يعيش الإعلام ضغوطاً ومتاعب، ولا تعود الصحافة مهنة متاعب، وإنما مهنة مخاطر مجهولة تنذر بالخطر ليس على الإعلامي فحسب، بل على مستقبل البلاد.
وعن المخاطر التي تواجه الإعلاميين فهي تختلف عن غيرها في ان المخاطر المادية والمحسوسة تنتج عن اسباب معنوية وفكرية غير مادية، فيُحاسب الإعلامي على ما ينشر، في أغلب الاحيان، من أفكار ليس هو صاحبها بالضرورة، وقد لا يكون من أتباعها، ولكنها تشكل نتاج حراك في المجتمع رأى انه قد يُحدث تحولات ما، ولكن الخطر والمخاطر تطاله هو أولاً. وتتنوع المخاطر التي يتعرض لها الإعلامي وهي لا تنفصل عن تعرض مؤسسات الإعلام إلى مخاطر تنعكس على كل الإعلاميين الع
املين فيها. لاختطاف والتعذيب والترحيل والاعتداء الجسدي والاهانة المعنوية والتردي المادي.
وإعرب عن قلقه الشديد لما يتعرض له الإعلاميون من مضايقات وإجراءات من شأنها الحد من تأديتهم لدورهم في نقل الحقائق وعرض مختلف الآراء، ودعا إلى إزالة العقبات والحواجز بمختلف أصنافها وعدم الحجر أو الحجز أو التضييق، من أجل إيجاد وتعميم وضع صحفي قادر على إشاعة روح الشفافية والحرية بعيداً عن التلويح بالعقوبات مهما كان نوعها او مصدرها والتي لم تعد متوافقة مع روح العصر وثوراته.
واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:
تأتي ندوة اليوم في إطار اليوم العالمي لحرية الصحافة، وكم نحن مؤتمنون على هذه الحرية التي ذهب من أجلها شهداء أبّوا أن يساوموا على الحقيقة وأن يجاروا الظلم، ويهادنوا الجبن ويرضخوا لإرادة حاكم أو ينهاروا تحت وطأة التهديد، أو ينهزموا أمام الإغراءات الوظيفية أو سلطان المال.
أضاف: “هذه الحرية التي تلازم الصحافي يوم يقرر أن يخوض غمار هذه المهنة، لا بل هذه الرسالة، “نعم الصحافة أكثر من مهنة إنها رسالة”، يحملها الصحافي بأمانة في فكره وضميره وقلبه، لا يأبه للمخاطر التي تحيط به أثناء قيامه بتغطية الحدث، فكم من شهداء للصحافة سقطوا خلال هذا العام أثناء تأدية واجبهم لنقل الحدث بشكل موضوعي إلى العالم ؟”
ورأى: “إن مهنة الصحافة هي مهنة المخاطر، التي تستند إلى قناعة الصحافي على كونه رسول الكلمة والصورة والصوت، في نقل الحدث وهذا ما يحفزه على خوض غمار الأحداث، إنه في قلب الحدث وكم من المرات يصبح هو الحدث، فيقدم ذاته في سبيل نقل الحقيقة إلى الأخرين؟”
إضاف: “إن رسالة الصحافي والإعلامي هي مهنة المتاعب دون شك إذا ما أراد صاحبها أن يلتزم المعايير الأدبية والأخلاقية والمهنية في تأديتها. ففي لبنان تعرض الصحافيون إلى 32 انتهاكاً وفي سوريا 45 انتهاكاً والأردن 49 انتهاكاً وفلسطين (الضفة، غزة، اراضي 48) 266 انتهاكاً (تقرير سكايز 2010). وعلينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نلتزم هذه الأدبيات، في ظل الكلام عن ارتهان هذا أو ذاك لإرادة نافذ أو متموّل يشتري ضميره وإرادته ليصنع منه بوقاً يطلق التجنّيات والشتائم بدل من أن يكون رسول الكلمة الحرّة والمسؤولة.”
وختم بالقول: “إن وطننا في هذه الظروف الدقيقة ينتظر منا أن نكون أبطال الصحافة، أبطال الكلمة الحرّة، في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة، دون النظر إلى مصالحنا الضيّقة، فنسير على طريق الشهادة للحق ومن أجل الحق. وكل عيد وحرية الصحافة وأنتم بخير”.