في 2600 صفحة، الفكر الاجتماعي لكارول فويتيلا

المقدمة بقلم البابا بندكتس السادس عشر

Share this Entry

روما، الاثنين 23 مايو 2011 (zenit.org). إذا كان الوعدُ يقولُ بأنّ “المسيح هو طريقُ الكنيسة ويساعدُ الإنسان على إدراك ذاته واستعادة قيمه”، ليس من الصعب عندها أن نرى في الوثائق البابوية ما تركه البابا يوحنّا بولس الثاني من إرثٍ للإيمان الكاثوليكي، المعتبر مثل “نوع من إرشاد”. علّق الكردينال جوفاني باتيستا ري، رئيس مجمع الأساقفة شرفًا، على مبادرة دار تريفس للنشر التي جمعت في مجلّد 14 وثيقة للبابا فويتيلا خلال 27 سنة من حبريته.

وتمّ تقديم مجلّد “الحقيقة الرائعة” “Splendor Veritatis”، في 18 مايو في معهد سانتا تشيشليا في روما، وهو خلاصة الفكر اللاهوتي والاجتماعي للبابا البولندي. وكتب مقدمة المجلّد – المقسّم إلى ثلاثة أجزاء تبلغُ عدد صفحاته بالإجمال 2600 – البابا بندكتس السادس عشر.

وكتكملة لنصّ المجلد، تمّت إضافة ذكرى للكردينال ستانسلاو، رئيس أساقفة كراكوفيا والسكرتير الخاصّ للبابا الطوباوي لعدّة سنين، الذي شبّهَ البابا فويتيلا، لقوّة تحمله وإيمانه الكبير حتّى في وقت المحن، ” بالعدّاء الاولمبي الذي يصلُ إلى الهدف منهكًا، لكنه يبقى ممسكًا بيده بالشعلة مضاءة”. ويوجدُ في الملحق التحية الأولى وبركة البابا يوحنّا بولس الثاني، ونصّ موعظته الأولى ووصيته الروحية.

“اختيارُ النقاط التي ذكرناها هي بالضرورة من جانبٍ واحد”، هكذا يكتب راتزنغر في مقدمته. “كما أنّ تقييمًا شاملاً لابدّ أن يتضمن النصوص التعليمية الأخرى للبابا، والتي غالبًا ما تمتازُ بسموٍ وتنتمي إلى مجموع البيانات العقائدية للأب الأقدس”. على الرغم من أنّ الرسائل الراعوية تقدّمُ مسيرةً محددة جيدًا نحو المخلوق البشري.

وقال الكردينال ري إنّ الوثيقة الأولى، “فادي الإنسان” “Redemptor Hominis” لعام 1979، تعلنُ “كصوت بوق” هناك حيث يكتبُ هذا “القائد الاخلاقي، من بين الأكثر شهرةً في العالم والأكثر محبوبًا أيضًا”، في الأسطر الأولى، أنّ يسوع المسيح هو “فادي الإنسان”، “مركز التأريخ والكون”. لأنّ ما لم يغب عن دراسة فويتيلا للكنيسة، هو قربها الضروري من البشر. فإذا كان “البابا يوحنا بولس الثاني صوفيًا من جهة، فمن جهةٍ أخرى دخل بعمقٍ في التأريخ”، ورغبته “كانت دومًا منحَ المواطنة لله في مجتمع اليوم”.

يمكنُ أن تُقسّم الوثائق الاربعة عشر، التي طُبعِت بحسب التسلسل التأريخي، إلى مواضيع رئيسيّة: من ثلاثية السنوات 1979-1986 إلى النصوص العقائدية ذات الطبيعة الانثروبولوجية: “إنجيل الحياة” “Evangelium Vitae”، “الإيمان والعقل” “Fides et Ratio”، “عظمة الحقيقة” “Veritatis Splendor”، والتي منها تمّ استلهام عنوان المجلّد. هذه الوثيقة الأخيرة، يكتبُ راتسنغر، “لا تتطرقُ فقط إلى الأزمة الداخلية للاهوت الأدبي في الكنيسة، بل تنضمّ أيضًا إلى النقاش الأخلاقي العالمي الذي أصبحَ اليوم مسألة حياة أو موت للإنسانية”.

تأتي بعدها الوثائق الاكليسولوجية، أي تلك المخصصة للكنيسة ورسالتها في العالم في علاقاتها مع الطوائف الأخرى. وتلعبُ مريم في فكر يوحنّا بولس الثاني هنا دورًا رئيسيًا، فهي التي أعربت بصورةٍ كاملة عن المعنى النهائي للإيمان، فيختمُ كلّ رسالة بصلاةٍ موجّهة إلى أمّ يسوع. وأخيرًا، تتطرقُ الوثائق إلى المشاكل الحسّاسة للإنسان ألا وهي تهميشه في المجتمع، إلى جانب الانتقادات ضدّ الشيوعية وانحرافات الرأسمالية.

وأوضحَ الأب ادوارد فالوجا، أستاذ لاهوت الآباء في المعهد الحبري الشرقي ومصنِّف مفردات المجلّد، في تحليله: “كتبَ البابا فويتيلا ثلاثة وثائق اجتماعية: “مزاولة العمل” ‘Laborem exercens’ عام 1981 والتي لا يتكلمُ فيها عن العمل بقدر ما يتطرّق إلى العامل؛ “الاهتمام بالشأن الاجتماعي” ‘Sollicitudo rei socialis’ لعام 1987 حيث يهاجم النظامين سويةً لأنّهما لا يحترمان الإنسان ويهملان إعطائه نظرة شاملة؛ أمّا الوثيقة الثالثة “السنة المئة” ‘Centesimus Annus’ لعام 1991، فهي تأمّل حول ماهية التطوّر إذا لم يؤدي إلى المسيح”.

وعلّق المدير السابق لدار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، يوياكين نافارو فاليس، في مداخلته خلال التقديم، قائلاً إنّ النموذج الحقيقي للإيمان وللمعاناة الإنسانية و”الوثيقة الأجمل ليوحنّا بولس الثاني، كانت شهادة حياته”.

وروى الكردينال ستانسلاو في شهادته التي جاءت كصدى لكلام نافارو فاليس، قائلاً: “بعدَ أن نلتُ نعمة أن أكون قريبًا من هذا البابا العظيم ما يقارب الاربعين عامًا، فإنني مقتنع بأنّه يمكن إضافة وثيقتين أخريتين إلى تعليم يوحنّا بولس الثاني منحنا إياهما بشخصه”.

وواصل القول بأنهما وثيقتان لم يكتبهما على ورق “بل على قلوب البشر”: إنسانيته ومعاناته.

الأولى، إنسانيته، هو الخيط الأحمر الذي يجمعُ الوثائق الاربعة عشر”، بينما الثانية، معاناته، هو الخيط الذهبي الذي يجمّلها محولاً إياها إلى تعليم حياة”.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير