الفاتيكان، الخميس 25 أغسطس 2011 (ZENIT.org). – وردنا اليوم في إدارة الوكالة تقرير مختصر أغناني ببعض الاعتبارات بشأن لقاء الشبيبة العالمي في مدريد ودور الصحفيين في تغطيته.
إن أول ما يُلحظ بتغطية الصحافة الأجنبية لهذا الحدث هو الحكم المسبق السلبي على مجرياته وغاياته، وملاحقاتهم للسبق الصحفي في أخبار هي بعيدة كل البعد أن تكون قلب الحدث، مثل الأصوات المناهضة للمصاريف التي يُزعم أن الشباب الذين أتوا إلى اللقاء قد تسببوا بها.
ألم يخطر في بال المعارضين، أو في بال الصحفيين المثقفين، أن هؤلاء الشباب قد حملوا موجة إقتصادية رابحة قدرتها الإدارة الإسبانية المدنية المحلية بنحو 168 مليون يورو؟
ألم يخطر ببالهم أن هذا اللقاء، الذي لم يتسبب بشغب أو بتلوث يذكر لم يؤدي إلى تدمير وتخريب تحمله عادة تظاهرات قد تصيب بمقاصدها ولكنها تُخطئ بطرقها؟
ألم يبادر إلى ذهنهم أن تنظيم سباق “فورمولا وان” واحد يكلف عشرات المرات أكثر من لقاء الشبيبة، علمًا بأن المشاركين في الحلبة لا يتعدون بضعة آلاف.
ألم يفكروا بأن يومًا واحدًا من التزام القوات العسكرية المسلحة في الرسالات العسكرية (أو السلمية) خارج البلاد، يستطيع أن يمول عشرات وعشرات لقاءات الشبيبة العالمية؟
ماذا إذًا؟ ماذا وراء كل هذا التذمّر والتمرمر من لقاء الشبيبة؟
لا نريد أن نلعب دور الضحية، ولكن سيكون قصر نظر إذا لم نلحظ الحس المعادي للكنيسة الكاثوليكية الذي يجتاح ضمائر الكثيرين، فيغضون الطرف عن ما يجري من خير.
سأترك لغيري- ولكم صدرت من تقارير في هذه الأيام – يبين أن لقاء الشبيبة العالمي، لم يحمل فقط دعاية كبيرة جدًا (وكم تدفع المؤسسات لتحصل على دعاية!!) لاسبانيا ولمدريد، بل حمل فيضًا ملموسًا من المال والحركة الاقتصادية في بلاد هي بأمس الحاجة لذلك.
عدم استعداد الصحفيين لفهم الواقع الديني
هناك ظاهرة أخرى تلفت الانتباه في حديث الصحفيين عن يوم الشبيبة في مدريد. فقلة هم الصحفيون غير العاملين لصحف كاثوليكية، والذين يعرفون أن يتحدثوا عن الوقائع الدينية. نتيجة لذلك، نجد التقارير تفتقر لفهم معمّق لما حدث وما يحدث خلال لقاءات من هذا النوع.
حبذا لو كان هناك صحفي علماني يستطيع أن يشرح لي ما الذي يدفع جحافل من الشباب ليتركوا مراتع الصيف وشواطئ المتعة لكي يذهبوا للاستماع إلى تعاليم الأساقفة وللتهييص مع بابا يقال أنه يفتقر – مقارنة مع سلفه – لكاريزما التواصل مع الشباب (هذا وإننا شهود باستمرار لكيف أن بندكتس السادس عشر لا يفتقر البتة لكاريزما، فمن لم يتأثر لدى رؤية الصمت عند السجود للقربان المقدس، وعند اللحظات الهامة خلال القداس الإلهي؟).
لم يذهب هؤلاء الشباب في حر أغسطس إلى مدينة تعرف بحرها القارص في الصيف؟ أخبرني أحد الأصدقاء الذين زاروا مدريد من سنوات أن الشباب في هذه الفترة يعيشون في الليل، لأن النهار لا يطاق بسبب الحر. وإذا بنا أمام مليوني شاب وصبية صارعوا الحر وصارعوا العواصف في أمسية الصلاة لكي يسمعوا كلمة الحياة.
هل هناك صحفي مستعد وقادر على قراءة هذا الحدث بحسب قدر قيمته؟
كلا!
معظم الصحفيين يعرفون الحديث عن فضائح الرؤساء الجنسية، عن مغامرات ستراوس-كان، عن حمل كارلا بروني، عن آخر أغنيات لايدي غاغا، عن ليندساي لوهان التي تقود سيارتها للمرة المائة وهي “مطفية”.
لقاء الشبيبة العالمي والتغطية التي قامت بها معظم الصحف الغربية هي حافز لنا لنعي كم نحن سطحيون، كم نحن بحاجة لكي نستيقظ ونعي أن هناك أمور جميلة، أن الحقيقة والطيبة والجمال لم تمت، بل هي حية في قلوب الشباب، في نظراتهم، في صلاتهم، في صمتهم، في عطشهم وجوعهم إلى الحقيقة، في توقهم للقاء بيسوع المسيح.