الجمال: درب يقود إلى الله

بحسب بندكتس السادس عشر

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

بقلم روبير شعيب

روما، الخميس 1 سبتمبر 2011 (ZENIT.org). – تلمع تعاليم البابا بندكتس السادس عشر مؤخرًا بخواطر عميقة ومؤثرة تنصبّ مباشرة في خانة العيش المسيحي والتطبيق اليومي، إذ تركز بشكل خاص على تعليم الصلاة المسيحية والتنبيه على حضور الرب في حياتنا اليومية.

تطرق الأب الأقدس في تعليم أمس الأربعاء إلى ما يُعرف بـ “سبيل الجمال”، فأشار إلى كيف أن التعبير الفني يستطيع أن يكون سبيلاً لنقوم بخبرة الرب.

يُعرف عن يوسف راتسنغر تفضيله لهذا السبيل. ففي أحد مداخلاته ككاردينال يصرح: إني مقتنع أكثر فأكثر أن السبل الفضلى للوصول إلى الله هي اثنتان: سبيل الجمال وسبيل القديسين.

القديسون يجذبون أنظارنا نحو جمال الله، وهم بحد ذاتهم أيقونات تمثل روعة العيش مع الرب ولأجله.

والجمال الحقيقي، التعبير الفني الأصيل هو خبرة مؤثرة تحمل القلب إلى الخالق.

من هذا المنطلق قال الأب الأقدس في مطلع تعليم الأربعاء: “ربما صادفكم أن شعرتم – أمام منحوتة، أو أمام لوحة، أو أمام أبيات شعر، أو أمام مقطوعة موسيقية – بمشاعر حميمية، بحس فرح، فحدستم أن أمامكم لم يكن هناك مجرد مادة، قطعة من رخام أو نحاس، قماش ملون، حفنة من الأحرف أو بعضًا من الأصوات، بل شيئًا يستطيع أن يرفع النفس”.

وذكر البابا أن العمل الفني هو “ثمرة القدرة الخلاقة التي يملكها الكائن البشري”. فهي تعبّر عن تساؤله، عن بحثه، عن توقه إلى التسامي.

والفن بحد ذاته هو “باب مفتوح على المطلق، على الجمال، وعلى الحقيقة التي تذهب أبعد من الواقع اليومي”.

وقدم الأب الأقدس أمثلة من أنواع الفن الكنسي التي تحمل – كل بأسلوبها وخاصيتها – إلى خبرة محددة لله، فقال: “نجد مثالاً عن ذلك في زيارتنا لكاتدرائية غوطية: نجد نفسنا مخطوفين في الخطوط العامودية التي تنتصب نحو السماء وتجذب نظرنا نحو العلاء، بينما نشعر في الوقت عينه أننا صغار وتواقين إلى الملء”.

وقد مثلاً آخر فقال: “عندما ندخل إلى كنيسة رومانية: نجدنا مدعوين تلقائيًا إلى استجماع ذواتنا وإلى الصلاة. نشعر وكأن هذه المباني الرائعة تحفظ إيمان الأجيال”.

خبرة شخصية

وشارك الأب الأقدس، الذي يبرع في عزف البيانو خبرة شخصية عاش فيها خبرة روحية من خلال خبرة فنية فقال: “يتوارد إلى ذهني حفل موسيقي ليوهان سيباستيان باخ، في موناكو في بايرن، بقيادة ليونارد برنشتاين. في ختام المقطوعة الأخيرة شعرت، لا من خلال التفكير، بل بعمق قلبي، أن ما قد سمعته قد نقل إلي حقيقة، حقيقة الملحن الأعظم، وهذا الأمر دفعني إلى شكر الله”.

وتابع: “كان إلى جانبي أسقف موناكو اللوثري وقلت له بعفوية: “لدى سماعنا هذا نفهم: أنه حقيقي؛ الإيمان القوي هو حقيقة، والجمال يعبّر بشكل لا يقاوم عن حضور حقيقة الله”.

ثم قدم مثال المرتد الشهير بول كلوديل، الشاعر الشهير، المؤلف المسرحي والدبلوماسي الفرنسي، الذي شعر بحضور الله في بازيليك سيدة باريس في عام 1886، لدى سماعه لنشيد “تعظم نفسي الرب” خلال قداس الميلاد.

ما يدهش في ارتداد كلوديل أنه لم يكن قد دخل الكنيسة مدفوعًا من الإيمان، بل لكي يجد مواضيع يناقش فيها ضد المسيحيين، وإذا بنعمة الله قد عملت في قلبه.

عيش الجمال كخبرة روحية

ولهذا دعا البابا المؤمنين من جديد إلى إعادة اكتشاف درب الصلاة، دربًا لخبرة حقيقية لله، وحضهم بشكل خاص إلى إدراج خبرة الجمال في إطار الغنى الروحي، لا الثقافي وحسب.

وختم بالقول: “واحدة سألت الرب، وإياها ألتمس: أن أقيم ببيت الرب جميع أيام حياتي، لكي أعاين نعيم الرب وأتأمل في هيكله” (الآية 4). فلنرج الرب لكي يساعدنا في تأمل جماله، إن في الطبيعة أو في الأعمال الفنية، لكي يلمسنا نور وجهه، فنستطيع أن نكون نورًا لقريبنا”.

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير