كياتي ، 9 مارس 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي تأملاً من الرسالة الرعوية لسنة 2006- 2007 لرئيس أساقفة كياتي-فاستو، اللاهوتي برونو فورتي، عضو اللجنة اللاهوتية العالمية، حول موضوع: “الكلمة للحياة: الكتاب المقدس وجمال الله” (La Parola per vivere: La Sacra Scrittura e la bellezza di Dio).
. الكلمة، نبع المحبة
إن كلمات إله المحبة تجعلنا قادرين على أن نحب. فالحب هو الثمرة الأولى للإصغاء الحقيقي لكلمة الله. يحذرنا القديس يعقوب قائلاً: “كونوا مِمَّن يَعمَلونَ بهذه الكَلِمَة، لا مِمَّن يَكتَفونَ بِسَماعِها فيَخدَعونَ أَنفُسَهم” (1، 22).
من سمح للكلمة أن تنيره، يعرف أن معنى الحياة يقوم لا على الانطواء على الذات، بل على الخروج من الذات دون رجوع: وهذا هو الحب.
إن الاصغاء للكتاب المقدس يجعلك تشعر كم أنك محبوب ويجعلك قادرًا أن تُحِب: فإذا ما سلمت نفسك دون رجوع إلى الله، سيقدمك هو ذاته إلى الآخرين، مسبغًا عليك كل المواهب الضرورية لكي تقوم بخدمتهم.
لهذا السبب يدعو بندكتس السادس عشر الشبيبة لكي ينمو في حياتهم “الألفة مع الكتاب المقدس، وإلى البقاء بقربها لكي تكون بوصلة تبين الطريق الذي ينبغي اتباعه” (رسالة ليوم الشبيبة العالمي 2006).
الكلمة هي مرشد أكيد لأنها – في خضمّ ضجيج العالم – تقودنا إلى الاهتمام بالآخرين تشبهًا بيسوع، وإلى التعرف من خلالهم على صوت يسوع الذي ينادي.
إن مراكز المحبة الموجودة في الكنيسة (مراكز الاصغاء، مراكز الاستقبال، مراكز توزيع الطعام على الفقراء…)، مختلف نشاطات التطوع، تحديات العدالة والسلام والمحافظة على الخلائق، الأشخاص الذين يقرعون كل يوم على باب قلبك، جميعهم ينتظرونك ليفهموا إذا ما حوّلَت الكلمة التي سمعتها قلبَك بالفعل.
إذا قمت بهذه الأمور، صار بامكانك أن تسمع ما يقوله الرب: “كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه” (راجع متى 25، 37- 40).
9. الكلمة، نبع فرح ورجاء
إذا أصغيت إلى الكلمة وحفظتها، ستشعر أن حياتك قائمة في قلب الله نفسه، ومن هناك تحصل على الثقة للحاضر وعلى الرجاء للمستقبل:
“مَثَلُ مَن يَسمَعُ كَلامي هذا فيَعمَلُ به كَمَثَلِ رَجُلٍ عاقِلٍ بَنى بيتَه على الصَّخْر”. فالثقة تتغذى من اليقين بأننا محبوبون: ” حينَ كانَت كَلِماتُكَ تَبلُغُ إِلَيَّ كُنتُ أَلتَهِمُها فكانَت لي كَلِمَتُكَ سُروراً وفرَحاً في قَلْبي لِأَنَّي بِآسمِكَ دُعيتُ أَيُّها الرَّبُّ إِلهُ القُوَّات” (إر 15، 16).
لهذا السبب، يشعر التلميذان في مسيرتهما من أورشليم إلى عماوس بالحرارة في قلبيهما، لأنهما اكتشفا دواعي الرجاء، وقد غمرهما فلاح اللقاء (انظر لو 24، 13- 35).
الكتاب المقدس، كسردٍ لتاريخ العهد بين الله وشعبه، هو تذكار حي لهذا الحب الكبير الذي يولد الثقة بذلك الذي يحقق مواعيده.
من خلال منحك أسبابًا للعيش وللرجاء، تشرّع الكلمة أبوابك على غَدِ الله وتساعدك على وضعه في الحاضر من خلال قوة أفعال إيمان متواضعة ومن خلال أعمال بحبة بسيطة.
وبفضل قوتها هذه، الكلمة هي ركن الرجاء الكبير الذي يحرك العمل المسكوني: إذا ما حاولنا أن نكون تلاميذ الكلمة الواحدة، كيف يمكننا أن نعتبر انقساماتنا أكبر من الوحدة التي تدعونا الكلمة إليها؟