10. من الكلمة إلى الصمت
من الاصغاء المطيع للكلمة، تنبع بلاغة الحياة الصامتة: “لا نَنفَكُّ نَشكُرُ اللهَ على أَنَّكم، لَمَّا تَلقَّيتُم ما أَسمَعْناكم مِن كَلِمَةِ الله، لم تَتَقَبَّلوه تَقَبُّلَكم لِكَلِمَةِ بَشَر، بل لِكَلِمَةِ اللهِ حَقًّا تَعمَلُ فيكم أَنتُمُ المُؤمِنين” (1 تسا 2، 13). فالوجود الذي يسكنه الأبدي يتغذى دومًا من الإصغاء لصمته، الذي نصل إليه عبر الكلمة والذي يفتح أمامنا صمت الشوق والانتظار.
من يحب الكلمة، يعرف ضرورة الصمت، الداخلي والخارجي، ليصغي إليها فعلاً، وليفسح لنورها أن يحولنا عبر الصلاة، والتأمل والتمييز: في مناخ الصمت، وعلى ضوء الكتاب المقدس، نتعلم أن نتعرف على علامات الله وأن نقرأ مشاكلنا على ضوء مشروع الخلاص الذي يشهد له الكتاب المقدس.
الإصغاء هو الصمت الخصب الذي تسكنه الكلمة. “تلفظ الآب بكلمة واحدة وكان الكلمة ابنه، وهو يكرر هذه الكلمة في صمت أبدي؛ لذا فبالصمت يجب على النفس أن تصغي لهذه الكلمة”. (S. Giovanni della Croce, Sentenze. Spunti di amore, n. 21, in Opere, Roma 19672, 1095).
لا تتلفظ أبدًا بكلمة الحياة قبل أن تكون قد سرت مطولاً في دروب الصمت، في الإصغاء المتأمل والعميق للكلمة التي تأتي من الأزلي!