والقى رئيس الجامعة الأب انطوان راجح كلمة، قال فيها:”إن هذه الشهادة تأتي تتويجا لعمل لا يضاهي جديته ومثابرته سوى صمت صاحبه عنه، فالأب ريمون المنكب على شؤون الإدارة المالية في الجامعة والحاضر بسخاء في رعيته، اخترع من خارج ساعات النهار المحدودة وأيام الأسبوع المعدودة وقتا يكرسه لأبحاثه، وقتا ما أخره عن واجب ولا أثناه عن مبادرة. لهذا، أنتهز الفرصة لأهنئه وأشكره. هو الزاهد بكل أشكال التكريم، الكافر بكل طقوس المديح، هو الابن الضال عن خروب المظاهر والدعاية”.
وأضاف:” وإذا كان فخر المعلم أن يخرج معلمين لا يكونون أهلا بالتتلمذ عليه إلا بقدر ما يتخطونه، فإن فخر رئيس الجامعة في أن تقتصر رئاسته على الضرورة التنظيمية فيما تسود جامعته في ما خلا ذلك المساواة في إرادة الترقي المعرفي واستمرار التحصيل الجامعي العالي. وإن جامعتنا الأنطونية باتت تفخر بهذا المنحى الذي يميز أساتذتها والعاملين فيها لأن فيه مؤشرا إلى أن التعلم الدائم ليس فيها شعارا للإستهلاك بل حقيقة معيوشة، بل قل نذر مؤبد يحياه كل من لبوا دعوة البحث عن الحقيقة وتكرسوا للعمل في كرم الرب كمتعهدين للغراس الصغيرة وكعرابين لنموها في الحكمة”.
ثم القى الاب هاشم كلمة قال فيها:”المارونية كلمة تناقلتها الأجيال، وغاص في غور أعماقها البحاث والمؤرخين، علهم يتمكنون يوما من إظهار خفاياها وهويتها. انها دعوة مستمرة للبحث والتفتيش الدؤوب، وهي إشكالية مطروحة من قبل المجمع البطريكي الماروني الأخير. وتلبية لهذه الدعوة ولد موضوع هذه الرسالة وترعرع، فعالجته خلال فترة السنوات الثلاث الأخيرة، عبر الغوص أكثر فأكثر في الماضي محاولا إعادة قراءته والتأمل بأحداثه، حتى ولو دفعني هذا للاصطدام بمصاعب جمة، كتلك التي تواجه كل مؤرخ صريح، حاول إظهار الحقائق بالتجرد عن ميوله مهما كانت نوعيتها. إنطلاقا من هذا، كان الموارنة محور هذه الرسالة ونقطة إنطلاقها ونهاية مطافها، ولهذا فقد سعيت جاهدا إلى إلقاء الضوء على واقع الطائفة المارونية في لبنان، منذ نشأتها حتى أوائل القرن العشرين وما رافقها وتلاها من أحداث متشعبة ومعقدة تمتد جذورها إلى الماضي البعيد، أي منذ بداية القرن السادس حتى عصرنا الحديث”.
وتابع:”لقد ركزت بالاكثر على نشأة الموارنة وتطور تاريخهم السياسي الأمر الذي يستلزم التعمق في عقيدتهم وأصلهم وجذورهم القومية، وكيفية إستيطانهم لبنان، وتعاملهم مع مختلف الفاتحين ومدى ولائهم وتحالفاتهم، علني بذلك أتمكن من إبراز مدى تأثير الإطار التاريخي على واقع المارونية السياسية ومرتجاها بل على مصيرها كطائفة قائمة بذاتها وكيانها”.
وختم قائلا:”آمل أن أكون قد أسهمت ولو بالقليل في إظهار ما تحويه هذه الهوية المارونية من مواهب وكنوز”.