من الإرشاد الرسولي "سر المحبة" لقداسة الحبر الأعظم بندكتس السادس عشر

“سر الإيمان” هو سر المحبة الثالوثية الذي ندعى إلى المشاركة فيه بالنعمة. لذا علينا أن نهتف مع القديس أغسطينس: “إذا رأيتَ المحبة، رأيتَ الله”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

الفاتيكان، 21 مارس 2007 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي الأعداد 6، 7 و 8 من القسم الاول من الإرشاد الرسولي “سر المحبة” لقداسة الحبر الأعظم  البابا بندكتس السادس عشر حول موضوع الافخارستيا مصدر وغاية حياة الكنيسة ورسالتها.

القسم الأول

الافخارستيا، سر يتطلب الإيمان

“هذا هو عمل الله: أن تؤمنوا بمن أرسل” (يو 6، 29)

 

الإيمان الافخارستي في الكنيسة

6. “سر الإيمان!”. إن الكاهن، بهذه العبارة التي يقولها مباشرة بعد كلام التقديس، يعلن السر الذي يجري الاحتفال به ويبين عن الدهشة أمام التحول الجوهري للخبز والماء إلى جسد ودم الرب يسوع؛ حقيقة تفوق كل فهم بشري.

الافخارستيا هي، في الواقع، “سر الإيمان” بامتياز: “هي موجز وخلاصة إيماننا”. إيمان الكنيسة افخارستي في كنهه ويتغذى بشكل خاص على مائدة الافخارستيا.

يشكل الإيمان والأسرار وجهين متكاملين من الحياة الكنسية. فالإيمان الذي يولد من إعلان كلمة الله، يتغذى وينمو من خلال اللقاء في الأسرار بنعمة الرب القائم: “الإيمان يتجلى في الطقس، والطقس يعضد ويقوي الإيمان”.

لهذا السبب يبقى سر المذبح دومًا محور حياة الكنيسة؛ “فبفضل الافخارستيا، تولد الكنيسة دومًا من جديد”. وبقدر ما يكون الإيمان الافخارستي حيًا في شعب الله، بقدر ذلك يكون عمق مشاركته في حياة الكنيسة عبر التزام مقتنع بالرسالة التي أوكلها المسيح إلى تلاميذه. وتاريخ الكنيسة نفسه شاهد لهذا الأمر. فكل إصلاح عظيم يرتبط بشكل ما بإعادة اكتشاف الإيمان بحضور الرب الافخارستي وسط شعبه.

 

الثالوث الأقدس والافخارستيا

الخبز النازل من السماء

7. إن حقيقة الإيمان الافخارستي الأولى هي سر الله نفسه، الحب الثالوثي. في حوار يسوع مع نيقوديموس، نجد عبارة نيرة في هذا الصدد: “هكذا أحب الله العالم حتى أنه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. فإن الله لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم” (يو 3، 16- 17). تبين لنا هذه الكلمات المصدر الاول لعطية الله.

يسوع في الافخارستيا لا يهبنا “شيئًا” بل يهبنا نفسه؛ يبذل يسوع جسده ويهرق دمه. وبهذا الشكل يهب ملء وجوده، كاشفًا عن المصدر الأصلي لهذا الحب. فهو الابن الأزلي الذي يهبه الآب لنا. يتكلم يسوع مجددًا في الإنجيل ، بعد أن أشبع الجمع من خلال تكثير الخبز والأسماك، ويقول لسامعيه الذين تبعوه حتى وصل إلى مجمع كفرناحوم: “أبي هو الذي يعطيكم الخبز الحق الذي ينزل من السماء ويعطي الحياة للعالم” (يو 6، 32- 33)، ويتوصل يسوع إلى مطابقة نفسه، جسداً ودماً، بذلك الخبز: “انا الخبز الحي الذي نزل من السماء. من يأكل من هذا الخبز يحيا للأبد. والخبز الذي سأعطيه أنا هو جسدي أبذله ليحيا العالم” (يو 6، 51). وهكذا يكشف يسوع عن نفسه كالخبز الحي الذي يهبه الآب الأزلي للبشر.

 

عطية الثالوث الأقدس المجانية

8. يعتلن في الافخارستيا مشروع المحبة الذي يقود تاريخ الخلاص بأسره (راجع أف 1، 10؛ 3، 8- 11). ففي الافخارستيا يرتبط الله الثالوث، الذي هو محبة في ذاته (راجع 1 يو 4، 7- 8) بطبيعتنا البشرية بشكل كلي. في أعراض الخبز والخمر، التي يهب يسوع نفسه لنا من خلالها في العشاء الفصحي (راجع لو 22، 14- 20؛ 1 قور 11، 23- 26)، تصل إلينا الحياة الإلهية بأسرها، وتُدخلنا في شراكتها عبر الاحتفال بالسر.

الله هو شراكة حب كاملة بين الآب والابن والروح القدس. ومنذ لحظة الخلق، يتلقى الإنسان الدعوة ليشارك، إلى حد ما، بنسمة الله الحية (راجع تك 2، 7). ولكن في المسيح المائت والقائم وفي فيض الروح القدس الذي يوهب بدون حساب (راجع يو 3، 34) نصبح شركاء الحميمية الإلهية.

إن يسوع المسيح الذي “قرّب نفسه إلى الله بروح أزلي قربانًا لا عيب فيه” (عبر 9، 14)، يمنحنا في عطية الافخارستيا الحياة الإلهية نفسها. هذه العطية هي هبة مجانية مطلقة، مردها وعود الله فقط، هذه الوعود التي تحققت بشكل يفوق كل مقياس. تتقبل الكنيسة هذه العطية بطاعة أمينة، وتحتفل بها وتسجد لها.

“سر الإيمان” هو سر المحبة الثالوثية الذي ندعى إلى المشاركة به بالنعمة. لذا علينا أن نهتف مع القديس أغسطينس: “إذا رأيتَ المحبة، رأيتَ الله” (17).

 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير