السابع والعشرون من مايو
روما، الثلاثاء 27 مايو 2008 (ZENIT.org). – ننشر في ما يلي تأمل اليوم السابع والعشرين من مايو للبابا بندكتس السادس عشر، من كتاب “بندكتس”.
الفكر هو من ناحية مجموعة قوى المعرفة الإدراكية، والمنطقية، والعملانية. الروح، من ناحية أخرى، يكتشف القيمة المكنونة وراء الوقائع، الحرية المكنونة وراء الشريعة، نوعية الوجود حيث الأولية هي للعدل لا للمصالح الذاتية. لذا، فالروح بهذا المعنى، ليس موضوع حسابات وتخزين حسابي؛ بل إنه يرتبط بالضبط بما لا يمكن حسابه. إنه مضمون الموقف الذي “يحمل الفرح إلى النفس عبر اختراقه لمحدودية التركيز على الذات”؛ بكلمات أخرى، إنه موقف يتطلب قرار القلب، أو الإنسان برمته… ما هي رسالة العنصرة المسيحية الحقة ؟ ما هو هذا “الروح القدس” الذي تتحدث عنه؟… تاريخ العالم هو صراع بين نوعين من الحب: حب الذات وصولاً إلى كره الله، وحب الله وصولاً إلى التخلي عن الذات. هذا الحب الثاني هو الذي يحمل الفداء إلى العالم وإلى النفس. برأيي سنقوم بخطوة جبارة إلى الأمام إذا ما تأملنا في أيام العنصرة بمسؤولياتنا؛ إذا ما صارت هذه الأيام فرصة للمضي أبعد من التفكير العقلاني، ما وراء المعرفة التي نستعملها للتخطيط والتجميع، لكي نكتشف “الروح”، والمسؤولية التي تحملها الحقيقة، وقيم الضمير والحب… الروح القدس هو بحق “روح” بأعمق ما في الكلمة من معنى. بكل تأكيد، يتوجب علينا أن نجدد سبيلنا المتعثر نحوه في هذا العالم الذي تغيّر بالعمق.