“لقد جئت حاجاً وأرجو أن يحذو الكثيرون حذوي”
حاضرة الفاتيكان، الاثنين 18 مايو 2009 (Zenit.org) – ننشر في ما يلي الملاحظات التي أعطاها بندكتس السادس عشر للمراسلين الذين رافقوه خلال رحلة العودة من الأراضي المقدسة إلى روما يوم الجمعة الفائت.
***
إخوتي الأعزاء،
شكراً لجهودكم. أرى أن عملكم كان صعباً مع كل المشاكل ورحلات التجول وغيرها، وأود أن أشكركم على قبولكم كافة هذه الصعاب بهدف نقل الأخبار عن رحلة الحج هذه إلى العالم كله ودعوة الآخرين إلى القيام برحلة حج مماثلة.
لقد لخصت هذه الرحلة بشكل موجز في كلمتي في المطار ولا أريد أن أضيف المزيد. يمكنني أن أقدم الكثير من التفاصيل: منها الانحدار المؤثر إلى أكثر مكان انخفاضاً في المنطقة في الأردن الذي يمثل لنا أيضاً رمز انحدار الله، انحدار المسيح إلى أعمق مستويات الوجود البشري؛ والعلية حيث أعطانا الرب سر الافخارستيا وحيث حصلت العنصرة، حلول الروح القدس؛ القبر المقدس، والعديد من الانطباعات الأخرى، إلا أنني أرى أن الوقت غير مناسب للدخول في هذه التفاصيل.
ربما هناك ثلاثة انطباعات أساسية. الانطباع الأول هو أنني لمست في كل مكان وفي كافة المجتمعات – المسلمة والمسيحية واليهودية – إرادة قوية للحوار بين الأديان، وإرادة للقاء والتعاون بين الأديان.
ومن المهم أن ينظر الجميع إلى هذا الأمر ليس فقط كنشاط متسم بحوافز سياسية في الوضع القائم، بل كثمار نواة الإيمان عينه لأن الإيمان بالله الواحد الذي خلقنا جميعاً والذي هو أب الجميع، والإيمان بالله الذي خلق البشرية كعائلة واحدة، والإيمان بأن الله محبة ويريد المحبة، كله يتضمن الالتقاء وضرورة هذا اللقاء والحوار والتعاون كشرط أساسي للإيمان بذاته.
أما الانطباع الثاني فهو أنني لاحظت وجود مناخ مسكوني مشجع. فقد عقدنا العديد من اللقاءات الودية مع العالم الأرثوذكسي، وتمكنت من التحدث إلى ممثل عن الكنيسة الأنغليكانية وممثلين عن الكنيسة اللوثرية، ومن إدراك أن هذا المناخ السائد في الأراضي المقدسة يشجع أيضاً الحركة المسكونية.
والانطباع الثالث يقوم على وجود الكثير من المشاكل الكبيرة – التي نعرفها والتي رأيناها وشعرنا بها –. فالمشاكل ظاهرة ويجب ألا نخفيها إذ أنها قائمة ولا بد من حلها. إلا أن الرغبة المشتركة في السلام والأخوة ليست ظاهرة بقدر المشاكل وأرى أنه لا بد لنا من الحديث أيضاً عن هذا الموضوع لتشجيع جميع الراغبين في ذلك على إيجاد الحلول التي ليست سهلة أبداً.
لقد جئت كحاج سلام. ورحلات الحج تشكل عنصراً أساسياً في العديد من الديانات، ومنها الإسلام واليهودية والمسيحية. كما أنها صورة وجودنا الذي يعتبر رحلة إلى الأمام، نحو الله ونحو وحدة البشرية.
لقد جئت حاجاً وأرجو أن يحذو الكثيرون حذوي ويشجعون بذلك وحدة الشعوب في هذه الأراضي المقدسة ويصبحون رسل سلام. شكراً!