روما، الأربعاء 27 مايو 2009 (Zenit.org) – يوصي المونسنيور فولو بـ “تفكير أخلاقي في موضوع معايير مجتمع الإعلام الجديد”. تحليل مناسب في أعقاب اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية (24 مايو).
ننشر في ما يلي المداخلة التي قام بها المونسنيور فرنشيسكو فولو، مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى اليونسكو في باريس، في 23 أبريل 2009، خلال الدورة الـ 181 للمجلس التنفيذي لليونسكو حول “البند 55”: “تكنولوجيا الإعلام والاتصالات في خدمة التنمية المستدامة”.
سيدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
سيدتي وسيدي،
يسر الكرسي الرسولي بالدعم الذي يخصه اليونسكو لتنمية تكنولوجيا الإعلام والاتصالات. وفي الواقع أن التكنولوجيا الرقمية تمثل وسيلة حاسمة بين وسائل الاتصالات التي تسمح بنقل المعلومات إلى الشعوب. فإن سعة شبكاتها تتطور سريعاً وتتيح التواصل بين الرجال والنساء فتتحول بالتالي إلى خميرة تعاون. إضافة إلى ذلك، فإن العمل التفاعلي للتكنولوجيا قادر على تقديم وسائل للتعبير إلى أكبر عدد من الناس. هذه الميزة تسهل انتشار المعارف وبناء مجتمع شامل من المعرفة وعزيز على اليونسكو، خصوصاً وأن الأجيال الشابة الكثيرة في البلدان التي هي في طور النمو تتقرب من وسائل الإعلام الجديدة.
هذا التفاعل بين وسائل التكنولوجيا الرقمية يساهم أيضاً في حرية تلقي المعلومات واستخدامها ونشرها، ويشجع الحوار بين الشعوب والثقافات والأديان. وفي الحقيقة أن “نشر الوقائع والأحداث في الوقت المناسب يسمح لكل إنسان أن يطلع عليها بشكل شامل ودائم. من هنا، يمكن لكل شخص أن يساهم بشكل فعال في الخير العام ويمكن للجميع معاً أن يساهموا على نحو أسهل في نمو المجتمع وتطوره (المجمع الفاتيكاني الثاني، المرسوم حول وسائل الاتصالات الاجتماعية “inter mirifica”، فقرة 5).
ذكر الأب الأقدس مؤخراً “القدرة الهائلة لوسائل التكنولوجيا الجديدة، في حال استخدامها لتشجيع التفاهم والتضامن البشريين” (قداسة البابا بندكتس السادس عشر، الرسالة بمناسبة اليوم العالمي الثالث والأربعين للاتصالات الاجتماعية، 23 يناير 2009). وكان يلفت الانتباه أيضاً إلى أهمية وضع هذه التكنولوجيا “في خدمة جميع الكائنات البشرية وكافة الجماعات، منهم بخاصة الأكثر حاجة وضعفاً”. كذلك كان قلقاً حيال بعض استخدامات هذه الوسائل التي تنتهك صفاء الحوار أو احترام الإنسان.
في هذا السياق، يحيي الكرسي الرسولي بخاصة جهود اليونسكو في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصالات. وهو منتبه بخاصة إلى الاهتمام الوارد في الوثيقة التحضيرية خلال المجلس التنفيذي الحالي بشأن الحث على عمل ميداني وبخاصة مع مراكز مشتركة متعددة الوسائط. هذه الإجراءات الإنسانية التي تراعي التنوع الثقافي تشكل عنصر إجابة حاسم عن المشكلة الخطيرة التي تطرحها الفجوة الرقمية.
إن الكرسي الرسولي يشجع الأعمال التي تصب لصالح تنمية البنى التحتية في البلدان في طور النمو، وبخاصة لصالح تنشئة الرجال والنساء على استخدام تكنولوجيا الإعلام والاتصالات. كذلك يحرص على ألا تقتصر هذه التنشئة على بعد تقني ومهني وإنما أن تأخذ بالاعتبار الإنسان ككل. وفي الواقع “عندما ننفتح على الآخرين، نلبي احتياجاتنا الكبيرة ونصبح أكثر إنسانية”. هذا الانفتاح يتم تشجيعه من خلال تربية على استخدام وسائل الإعلام الرقمية بطريقة تؤدي إلى انفتاح الإنسان واحترام الآخر والخير العام.
هذا النهج لا ينجح أبداً من دون تفكير أخلاقي في موضوع معايير مجتمع الإعلام الجديد. من هنا يسعد الكرسي الرسولي بالأهمية التي توليها الوثيقة التحضيرية لتفكير مماثل والتي كان يدعو إليها بدوره.
ختاماً، بالتذكير بأن “السلطة مكلفة بحماية وصون […] حرية الإعلام الحقيقية والدقيقة التي يحتاجها المجتمع الحديث من أجل تطوره” (قداسة البابا بندكتس السادس عشر، الرسالة بمناسبة اليوم العالمي الثالث والأربعين للاتصالات الاجتماعية، 23 يناير 2009)، يؤيد الكرسي الرسولي اهتمام اليونسكو بمكافحة إساءة الاستخدام ووضع حد لاحتكار المعلومات إلى جانب تشجيع نقل المعرفة التقنية القادرة على تسهيل حصول أكبر عدد ممكن من الناس على تكنولوجيا الإعلام والاتصالات.
سيدي الرئيس،
أصحاب السعادة،
سيدي، سيدتي، أشكركم على إصغائكم.