القدس، الثلاثاء 12 مايو 2009 (zenit.org) – إذاعة الفاتيكان - بعد وقفة صلاة أمام حائط المبكى أجرى الأب الأقدس زيارة للحاخامية الكبرى. ننشر في ما يلي كلمة البابا للمناسبة:
حضرة الحاخامين الأكبرين،
أيها الأصدقاء الأعزاء،
أشكر لكم دعوتكم لي لزيارة مركز هيشال شلومو وأعرب عن امتناني للقائي معكم خلال رحلتي هذه في الأرض المقدسة كأسقف روما. أشكر الحاخام شيفاردي شلومو عامار والحاخام أشكنازي يونا متزغر على كلمات الترحيب ورغبتهما في توطيد عرى الصداقة التي عملت الكنيسة الكاثوليكية والحاخامية الكبرى بجهد دؤوب على تعزيزها خلال العقد الأخير. إن زيارتيكما للفاتيكان عامي 2004 و2005 تشكلان تعبيرا عن مشاعر حسن النية التي تطبع علاقاتنا النامية.
أيها الحاخامان الموقران، أود مبادلتكما هذه الأحاسيس من خلال التعبير عن مشاعر الاحترام والتقدير التي أكنها لكما ولجماعتيكما وأؤكد لكما رغبتي في تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون بين الكرسي الرسولي، حاخامية إسرائيل الكبرى والشعب اليهودي في العالم كله.
لقد شكلت مصدر سرور لي منذ بداية حبريتي الثمار الناتجة عن الحوار الدائر بين بعثة لجنة الكرسي الرسولي للعلاقات الدينية مع اليهود والحاخامية الكبرى لبعثة إسرائيل للعلاقات مع الكنيسة الكاثوليكية. أود الإعراب عن شكري لأعضاء البعثتين على تفانيهم وعلى عملهم الشاق كيما تبلغ كمالها هذه المبادرة التي شاءها سلفي السعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني، وهذا ما أكد عليه خلال يوبيل الألفين الكبير.
يشكل لقاؤنا اليوم سانحة ملائمة لرفع الشكران لله الكلي القدرة على بركاته التي رافقت حوار اللجنة الثنائية وللتطلع بأمل نحو دوراته القادمة. إن الإرادة الطيبة التي ميزت جهود الموفدين في مناقشة نقاط الوفاق ونقاط الخلاف أيضا، بانفتاح وصبر، مهدت الطريق لتعاون أكثر فعالية في الحياة العامة. إن اليهود والمسيحيين مهتمون معا بضمان احترام قدسية الحياة البشرية ومركزية العائلة وتربية سليمة للشباب وحرية الدين والضمير لمجتمع سليم. مواضيع الحوار هذه تشكل مرحلة البداية فقط لمسيرة تدريجية آمل بأن تكون أكثر صلابة نحو تفاهم متبادل أفضل.
لقد رأينا مؤشرا لفعالية سلسلة اللقاءات هذه في قلقنا المشترك حيال النسبية الأخلاقية والإهانات التي تولدها بحق كرامة الشخص البشري. وإذ تعالج الجماعتان المسائل الأخلاقية الراهنة يعترضهما تحد بإشراك الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة على مستوى العقل والإشارة لهم بشكل متزامن إلى الأسس الدينية التي تدعم القيم الأخلاقية. فليواصل الحوار الذي انطلق في إعطاء أفكار بشأن إمكانية أن يعمل المسيحيون واليهود معا لإنماء تقدير المجتمع للإسهام الخاص لتقاليدنا الدينية والأخلاقية. إن المسيحيين في إسرائيل لكونهم يشكلون جزءا صغيرا من السكان يقدرون بشكل خاص فرص الحوار مع جيرانهم اليهود.
لا أحد ينكر كون الثقة عاملا جوهريا لحوار فعلي. أكرر اليوم أن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة بشكل لا رجوع فيه على الدرب الذي رسمه المجمع الفاتيكاني الثاني من أجل مصالحة أصيلة ومستديمة بين المسيحيين واليهود. ووفقا للإعلان المجمعي في عصرنا فإن الكنيسة تواصل تقييم الإرث الروحي المشترك للمسيحيين واليهود وترغب بتفاهم واحترام أعمقين ومتبادلين أكان عبر الدراسات البيبلية واللاهوتية أم عبر الحوارات الأخوية. وليست اللقاءات السبعة للجنة الثنائية التي جرت بين الكرسي الرسولي والحاخامية الكبرى إلا دليلا على هذا! أعبر لكم عن عرفان جميلي على تأكيدكم المتبادل على أن الصداقة بين الكنيسة الكاثوليكية والحاخامية الكبرى ستستمر في نموها في المستقبل ضمن الاحترام والتفاهم.
أصدقائي الأعزاء، أعبر مرة أخرى عن تقديري العميق لترحيبكم بي اليوم. وإني لواثق أن صداقتنا ستبقى مثالا للثقة بالحوار بالنسبة ليهود ومسيحيي العالم كله. وإذا نظرنا إلى النتائج التي توصلنا إليها، وحسب وحي القراءات المقدسة فبإمكاننا أن نتطلع بثقة نحو تعاون بين جماعاتنا ـ إلى جانب جميع الأشخاص ذوي الإرادة الحسنة ـ في شجب البغض والاضطهاد في العالم كله. أصلي إلى الله القدير، الذي يختبر ويعرف أفكارنا (مزمور 139، 23)، كي ينيرنا بحكمته فنتمكن من العمل بوصاياه ومن محبته بكل قلوبنا وأنفسنا وقدراتنا (راجع تثنية 6، 5) ومن محبة القريب كما نحب أنفسنا (لاويين 19، 18).
شكرا!