بقلم الخوري جوزيف هلال
القبيات، الاثنين 14سبتمبر 2009 (Zenit.org). – نقدم نص إنجيل عيد ارتفاع الصليب المقدس بحسب الطقس الأنطاكي السرياني الماروني مع تعليق مقتبس من "نشرة الأحد" لخادم رعية الأربعين شهيد من "موقع القبيات الإلكتروني".
* * *
(يو ۱۲/ 2032)
20وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.
21 فَدَنَا هـؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الـجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين:"يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع".
22 فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.
23 فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان.
24 أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
25 مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هـذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.
26 مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
27 نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هـذِهِ السَّاعَة؟ ولـكِنْ مِنْ أَجْلِ هـذَا بَلَغْتُ إِلى هـذِهِ السَّاعَة!
28 يَا أَبَتِ، مَجِّدِ اسْمَكَ". فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: "قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد".
29 وسَمِعَ الـجَمْعُ الـحَاضِرُ فَقَالُوا: "إِنَّهُ رَعد". وقَالَ آخَرُون: "إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ".
30 أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: "مَا كَانَ هـذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.
31 هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا.
32 وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".
::: تأمّل من وحي الإنجيل :::
فِي هَذَا النَّص الإنجِيلِي الَّذِي يُقرَأُ فِي عِيدِ الصَّلِيب، لا نَرَى ذِكراً وَاضِحاً لاسمِ الصَّلِيب. لَكِن حِينَ أَتَى اليُونَانِيُّونَ يَسأَلُونَ عَن يَسُوع لِكَي يَرَوهُ "يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَن نَرَى يَسُوع"، كَانَ جَوابُ يَسُوع مُوَجَّهاً إِلَى المَوتِ فَالثَّمَر ، إِلَى الحُبِّ المُضَحِّي، إِلَى الخِدمَة، إِلَى ارتِفَاعِهِ عَنِ الأَرض.
وَيُشِيرُ يَسَوع بِوَضُوح إِلَى قِمَّةِ رِسَالَتِهِ الخَلاصِيَّة حِينَ تَحَقَّقَ الخَلاصُ عَلَى الصَّلِيب، فعَلَى هَذِهِ الخَشَبَة تَمَّت مُصَالَحَتُنَا مَعَ الآب وَذَوَتِنَا وَبَعضِنَا البَعض.
فَالكَنِيسَة لَم تَتَعرَّف عَلَى هَوِيَّة يَسُوع الحَقِيقِيَّة وَالخَلاصِيَّة إِلاَّ عَلَى الصَّلِيب، فَلا العَجَائِب وَلا التَّعَالِيم وَلا أَيُّ شَيء أَعطَى يَسُوع هَوِيَّتَهُ إِلاَّ الصَّلِيب حَيثُ تَمَّ سِرُّ الفِدَاء وَاكتَمَلَ سِرُّ الحُب "لَيسَ حُبٌّ أَعظَمُ مِن هَذَا وَهُوَ أَن يَبْذُلَ الإِنسَانُ نَفسَهُ عَن أَحِبَّائِهِ".
هَذَا المَوتُ لَيسَ لِلنِّهَايَة بَل لإِعطَاءِ الحَيَاة، مِثلُ حَبَّةِ القَمحِ الَّتِي تَمُوتُ لكَي تُعطِيَ ثَمَراً كَثِيراً، هَكَذَا مَوتُ المَسِيحِ عَلَى الصَّلِيبِ أَعطَى الحَيَاةَ بِغَزَارَةٍ لِلكَنِيسَة كَي تَكُونَ شَاهِدَةً لِلخِدمَة، لِبَذْلِ الذَّاتِ وَلِقُوَّةِ المَحَبَّة.
وَاليَوم إِذَا أَرَدنَا أَن نَرَى يَسُوع وَنَعرِفَهُ، فَلْنَذْهَب إِلَى الصَّلِيبِ لِنَرِى ذَاكَ الَّذِي ارتَفَعَ عَنِ الأَرضِ لِكَي يَجذِبَنَا بِهَذِهِ المَحَبَّة إِلَى اِلآبِ السَّمَاوِي وَلكَي يُذَكِّرَنَا بِأَنَّنَا أَبنَاءُ الآب وَيَرُدُّ لَنَا البُنُوَّةَ الَّتِي خَسِرنَاهَا بِفِعلِ خَطيئَتِنَا وَخُرُوجِنَا عَنِ المَحَبَّة.
عِندَمَا نُصَلِّي، نَرفَعُ عُيُونَنَا إِلَى فَوق، إِلَى الآب، حَبَّذَا لَو نَتَأَمَّل أَكثَر ذَلِكَ بِأَنَّ مَنْ رَفَعَ عُيُونَنَا إِلَى الآب هُوَ يَسُوع المُعَلَّق عَلَى الصَّلِيب، فَعِندَمَا نُصَلِّي، نَرفَع عُيُونَنَا إِلَى الآب عِندَ أَقدَامِ الصَّلِيب وَلنَسمَع يَسُوع يَقُول: "يَا أَبَتِ، مَجِّد اِسمَك" ، فَنُمَجِّدهُ نَحنُ بِأَعمَالِنَا وَاَقوَالِنَا حَامِلِينَ صَلِيبَ حَيَاتِنَا بِفَرَحٍ مُتَذَكِّرِينَ "أَنَّ الرَّبَّ يُحِبُّ المُعطِي الفَرحَان".
يَسُوع لَم يَحمل الصَّلِيب لأَنَّ لَهُ هِوَايَةٌ فِي حَملِهِ، بل، علَى عَكسِ ذَلِكَ، رَفَضَ حَملَ صَلِيبِهِ بِقَولِهِ "يَا أَبَتِ نَجِّنَي مِن هَذِهِ السَّاعَة". وَلَكِن مِن أَجلِ كَمَالِ المَحَبَّة الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا حَمَلَ الصَّلِيبَ لِيُعطَينَا الخَلاص.
وَنَحنُ بِطَبيعَتِنَا نَرفُضُ حَملَ الصَّلِيب لَكِن بِطَبِيعَةِ المَحَبَّة نَحمِلُ الصَّلِيبَ أَيّاً كَانَ، لِنُشَارِكَ يَسُوعَ بِعَمَلِ الخَلاصِ فَنُخَلِّص نُفُوسَنَا والآخرين عَارِفِينَ أَنَّ الصَّلِيبَ يَقُودُ إِلَى مَجدِ القِيَامَة.
مِن هُنَا عَلَينَا اَن لا نَكتَفِيَ بِأَن نَضَعَ الصَّ لِيبَ شِعَاراً عَلَى كَنَائِسِنَا وَمَنَازِلِنَا وَرِقَابِنَا وَسَيَّارَاتِنَا وَتِلالِنَا وَمَفَارِقِ طُرُقَاتِنَا وَفِي كُلِّ مَكَان... مُفتَخِرِينَ بِهِ بَل أَن نُدخِلهُ فِي صُلبِ حَيَاتِنَا اليَومِيَّة مُتَحَمِّلِينَ بَعضُنَا بَعضاً، عَارِفِينَ أَنَّ الصَّلِيبَ يَقُودُنَا بِفِعلِ المَحَبَّة إِلَى الخَلاص.
أَعطِنَا يَا رَبّ أَن نَحمِلَ صَلِيبَنَا وَنَسيرَ وَرَاءَكَ عَلَى دُرُوبِ الجَلجَلَة لِنَصِلَ مَعَكَ إِلَى مَجدِ القِيَامَة آمِين.