مؤتمر في أسيزي يدعو إلى ارتداد بيئوي لإنقاظ الطبيعة والإنسان
بقلم روبير شعيب
أسيزي، الخميس 17 سبتمبر 2009 (Zenit.org). – في عام 1992 تحدثت الطفلة سيفيرن سوزوكي، البالغة من العمر حينها 12 سنة، أمام هيئة الأمم المتحدة عن مسؤولية زعماء الكوكب نحو الأجيال الصاعدة التي تستحق أن تتنعم بخيرات الأرض تمامًا كما يتمتعون هم بها، ودعت إلى سياسات بيئية فعالة للحفاظ على كوكبنا لكي يستطيع أطفال الغد أن ينعموا بالخيرات التي هي في استخدامنا اليوم.
حالة الطوارئ البيئية لما زالت قائمة وكانت مدينة أسيزي مسرحًا للقاء هام تتطرق إلى مواضيع بيئية مختلفة من وجهة نظر مسيحية: التشديد على الدور التربوي الذي يجب أن تلعبه الجماعة المسيحية في التربية على المسؤولية البيئية؛ رفض إيديولوجية السيطرة الأنانية على الموارد التي يقع ضحيتها بشكل خاص المهاجرون الهاربون من التدهور البيئي؛ عيش ارتداد ثقافي، جمالي، أخلاقي وروحي، و "تغيير عقلية" يؤدي إلى "ثورة كبيرة" بحسب العدالة. هذه هي بعض المواضيع التي تطرقت إليها الحلقة المستديرة التي عقدت في أسيزي أمس الأربعاء في إطار اليوم الرابع للحفاظ على الخليقة.
نظمت اللقاء اللجنة الأسقفية لمشاكل المجتمع والعمل، والعدالة والسلام واللجنة الأسقفية للعمل المسكوني ومجلس أساقفة إيطاليا، بالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للعلوم. وحمل اللقاء هذا العنوان: "الطبيعة الحية: فهم التحولات وأسبابها. في سبيل ارتداد بيئي: الكنائس المسيحية تتساءل".
وتحدث التقرير الذي أصدرته "خدمة الإعلام الديني" الإيطالية عن مجريات اللقاء الذي عبّر عن قناعة الكنيسة الإيطالية بأن "الارتداد البيئي" هو من الأجوبة الأساسية على ظاهرة الانحطاط والتدهور البيئي التي نشهدها في العالم بأسره، من خلال التحولات المناخية والأعاصير التي بدأت تضرب مناطق لم تشهد ظواهر من هذا النوع في الماضي، والأمراض الناتجة عن هذه التغيرات البيئية وعن التلوث الذي يتسبب به أسلوب العيش في بعض المناطق في العالم، وتأثير هذا الأسلوب على الكثير ممن لا يحظى بأي قسط من هذا الرخاء.
وصرح المشاركون في اللقاء أن السبيل لتصحيح ودرء هذا التدهور يقوم من ناحية على توفير الطاقة من خلال "رزانة أكبر في الاستهلاك، على سبيل المثال من خلال الاقتصاد في استخدام وسائل النقل والتدفئة في المكاتب"، و تحسين استخدام "الطاقة النظيفة والقابلة لإعادة الاستخدام".
واعتبر رئيس اللجنة الأسقفية لمشاكل المجتمع والعمل، والعدالة والسلام، وأسقف إيفريا، أريغو ميليو أن هذه المسائل هي "خير مشترك بكل ما في الكلمة من معنى" لأنها خير "يخص الجميع ومن حق الجميع"، ويمكن الحفاظ عليه فقط من خلال إسهام كل إنسان. وشدد الأسقف أننا مسؤولون عن مشاركة الخيرات التي نملكها اليوم مع أجيال الغد.
كما وشدد الأسقف على ضرورة الإصرار على "التربية على المسؤولية" لأنه يترتب علينا واجب الإجابة أمام القريب وأمام الله عن طريقة استخدامنا لخيرات الأرض".
ومن ناحيته، حَمَلَ الأسقف فينشنزو باليا، القريب من جماعة "سانت إيجيديو" التي تعنى بالفقراء والمهاجرين" على إيديولوجية التسلط الأنانية التي ينشرها البعض نحو المهاجرين في إيطاليا، واصفًا الطريقة التي يتم التعامل بها اليوم مع ظاهرة الهجرة بـ "البرودة الكلبية". واعتبر أسقف ترني-نارني-أميليا أن المهاجرين هم ضحايا يهربون من الاضطهاد، ولكنهم أيضًا ضحايا يهربون من الفقر الذي ولده الانحطاط البيئي. وهذا الانحطاط والتدهور غالبًا ما ينتج عن إنتاج الأمور الفائضة في الدول الغنية.
هذا وشارك في اللقاء أيضًا الأب أندري بويستوف، من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إيطاليا، ودعا في مداخلته إلى "تغيير القلب"، انطلاقًا من اعتبار العالم كخليقة الله، مشيرًا إلى أن تغيير الحالة التي نعيشها اليوم لا يحتاج فقط إلى وسائل خارجية بل أيضًا إلى تحول داخلي، هو "التوبة".